فى قلب الأحزان على الطائرة المصرية المفقودة والضحايا جميعا.. كانت هناك إدارة جيدة للغاية هذه المرة للأزمة. التحرك السريع من القيادة المصرية لمواجهة الأزمة يوضح أننا تعلمنا الدرس من الأزمات الماضية. دعوة الرئيس السيسى لاجتماع فورى وعاجل فى ساعة مبكرة من صباح الخميس لمجلس الأمن القومى بحضور رئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء والوزراء المعنيين بالأزمة، أظهر أن مصر لن تترك لأحد أن يمسك بزمام المبادرة وقيادة الأزمة فى اتجاهات بعيدة فى غير صالح مصر والإضرار بعلاقاتها الخارجية مع فرنسا مثلما كاد أن يحدث فى أزمة الطائرة الروسية وقضية الطالب الايطالى ريجينى.
اجتماع مجلس الأمن القومى والتحرك السريع من القوات المسلحة ووزارة الطيران المدنى والحكومة عامة وسرعة إصدار البيانات بالمعلومات الدقيقة والصحيحة وعقد مؤتمر صحفى عاجل والرد على كل وسائل الإعلام، والتصريحات المتوازنة العاقلة غير المنفعلة والمتوترة جعل القاهرة محط أنظار الجميع ومصدر الأخبار الصحيحة المتوفرة عن الحادث.. وهذه من الإيجابيات فى هذه الفاجعة والكارثة الجوية. أطراف كثيرة معادية لمصر أرادت فى وسائل إعلامها وضع مصر فى قفص الاتهام وإظهار أن الشركة الوطنية المصرية هى المتهمة والمذنبة فى الحادث، فصراع الشركات الكبرى المصنعة للطائرات مثل إيرباص الأوروبية وبوينج الأمريكية، واضحا فى خلفية المشهد الحزين، فالطائرة من طراز إيرباص إيه 320 ومحاولة إرجاع الحادث إلى خلل فنى فى الطائرة كان واضحا لصالح الشركة المنافسة رغم أن أكثر حوادث الطائرات فى السنوات الماضية كانت من طراز البوينج مثل حوادث سقوط واختفاء الطائرتين الماليزيتين منذ عامين. والطائرة المصرية الشهيرة التى سقطت على السواحل الأمريكية عام 99.
فى مثل هذه الحوادث الكبرى خاصة إذا كان الأمر يتعلق بمصر وفى هذه الفترة الزمنية بالذات، كل الذئاب تستيقظ من مخابئها وتحاول الرقص على طبول الأزمة المصرية وتضخيمها واعتبارها «أم الحوادث الجوية» والتعامل معها على أنها أول حادثة لسقوط طائرات ركاب فى التاريخ، وسريعا ما تتكشف المواقف السياسية والإعلامية فى الأزمات ويتضح من هو العدو ومن الصديق. وهو ما يجب إعادة النظر فى التعامل السياسى والإعلامى مع هذه الجهات. كان من الواضح أن هناك محاولة حثيثة لدفع الأزمة فى اتجاه الإرهاب فى ظل الأوضاع الداخلية التى تعانى منها فرنسا، وتعكير العلاقة المتنامية والقوية بين باريس والقاهرة.
المؤامرة على مصر متشعبة ومتعددة. ورب أزمة نافعة. وإدارة الأزمة حتى الآن موفقا وناجحا دون الانزلاق إلى دروب أزمات أخرى دفعنا المستفيدين من الأزمة إيها. ولا ننسى هنا التحرك السريع والمنضبط لقواتنا المسلحة للعثور على أشلاء الطائرة المفقودة على مسافات كبيرة.
ربما هناك ملاحظة فقط على قليل من تصريحات وزير الطيران شريف فتحى فى المؤتمر الصحفى الذى تم الترتيب له على عجل وعابه الكثير من انعدام التنظيم وكأن الوزارة تفتقد لإدارة خاصة للعلاقات العامة والإعلام من مهامها تنظيم المؤتمرات الصحفية لوسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية، فالتركيز من جانب الوزير على فرضية الإرهاب فى فقدان الطائرة لم يكن سليما، إلا إذا كان هناك اتفاق رسمى على ذلك وبناء على معلومات ودراسات.
عموما إدارة الأزمة كانت ناجحة بدرجة كبيرة، وهى فرصة للتفكير فى سرعة تشكيل فريق أزمة دائم من كل الهيئات والمؤسسات المعنية داخليا وخارجيا يتبع لرئاسة الجمهورية تكون مهمته دراسة الأوضاع الداخلية والخارجية ورسم خارطة توقعات لمواقع الأزمات ووضع سيناريوهات لكيفية التعامل معها وإدارتها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة