لا أستطيع إلا أن أرفع القبعة تحية وتقديرا لأسلوب الدعاية الإسرائيلية، ما من هدف وضعوه على طاولة اجتماعاتهم إلا وحققوه باقتدار.. ليس عيبا أن نثنى على قدرات عدونا.. فإذا أردت أن تهزم عدوك فعليك أن تعرفه جدا.
والتاريخ يكتب صفحات ونجاحات ليتنا فى مصر نتعلم منها
وأكثر ما أبهرنى حقا وأنا أقرأ فى تاريخ «الهولوكوست» وهى كلمة تعنى المحرقة أو الكارثة.
عندما دخلت ألمانيا بقيادة النازى هتلر الحرب العالمية الثانية كان اليهود تصل أعدادهم حوالى سته ملايين ونصف المليون مقسمين ما بين بولندا وألمانيا والنمسا، وكما تقول الدعاية اليهودية إن النظام النازى قام بحرق اليهود فى أفران من الغاز أعدت خصيصا لهم وأن هذه المحرقة الشهيرة.
«الهولوكوست» قد أنهت حياة ستة ملايين يهودى والغريب حقا أن الدعاية اليهودية كانت فاجرة إلى حد الضحك، فالإحصائيات السكانية فى ذلك الوقت فى الفترة ما بين 1938 وحتى نهاية الحرب وهزيمة ألمانيا تشير إلى أن أعداد اليهود فى كل أوروبا لا يزيد على ستة ملايين يهودى ونصف المليون.
وعند قيام دولة إسرائيل عام 1948 هاجر من المانيا والنمسا حوالى مليون و200 ألف يهودى فهل تكاثر اليهود فى السنوات القليلة لهذه الدرجة..
بل إنه وصل عددهم فى العالم بعد عشر سنوات إلى 18 مليون يهودى ونصف المليون.. هذا ما ذكره كتاب «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية» للفيلسوف الفرنسى «روجية جارودى» الذى اعتبر فيها الهولوكوست من أهم وأبرز أساطيرهم.
والغريب والمستفز للمنطق أن تعقد إسرائيل سرا مع ألمانيا اتفاقية لوكسمبرج بعد رفض أمريكا وأوروبا الوقوف إلى جوار اليهود فى كذبتهم.
هذه الاتفاقية قررت ألمانيا دفع تعويضات للشعب اليهودى وصلت إلى ثلاثة مليارات مارك ألمانى فى الفترة ما بين عام 1953 وحتى عام 1965 بالإضافة إلى دفع معاش شهرى لكل يهودى مدى الحياة يثبت أنه قد لحق الضرر به من هذه المحرقة.
ساعدت هذه التعويضات فى خروج إسرائيل من نفق العوز والحاجة فى فترة تأسسيها.
هكذا يفعل الإسرائليون مع كل قضية يتبونها فهم قادرون على الترويج بشتى الوسائل.
أتعلمون أنهم أقاموا فى واشنطن العاصمة السياسية لأمريكا فى حديقة أحد المتاحف الشهيرة هناك «متحفا للهولوكوست» يحكى فيه قصتهم وقهرهم المزيف.. وسيتم افتتاحه قريبا!!
الآن إسرائيل دولة والجميع يطلب ودها.. تقتل وتسجن وتشرد وتستخدم قنواتها الكاذبة التى تروج كل حيلها بطلاقة متناهية.. فتستطيع أن تجعل الغرب يبكى كمدا من جراء ما يعانونه من حصار فلسطينى واضطهاد عربى.
كم كنت أتمنى أن نستطيع فى مصر أن نتعلم منهم كيفية الترويج لأنفسنا ولقضايانا الصادقة.. نحتاج أن ندرس كيف نجحت إسرائيل أن تحول الباطل إلى حق مكتسب؟
كيف استطاعت إسرائيل فى 68 عاما هى عمر دولتها المعتدية أن تصبح دولة على الخريطة وهذه السنوات لا تذكر فى عمر الشعوب.
ونحن المصريون أصحاب الحضارة والعراقة فشلنا فى أن نحسن صورتنا الذهنية عند الغرب مازلنا نستخدم نفس الأساليب غير المؤثرة وندفع فواتير أناس نحن منهم براء.
عامان من الإرهاب المتواصل ندفع الثمن كل يوم من أبنائنا وجنودنا واقتصادنا وسياحتنا ومازلنا عاجزين عن الدفاع عن أنفسنا.. ونكتفى بأن نتكلم مع أنفسنا.. نشتكى لبعضنا البعض، نشجب فى صحفنا.. نصرخ فى قنواتنا الفضائية والمستهدفون نعطى لهم ظهورنا.. نلوذ بالصمت
ادرسوا عدوكم.. تعلموا حيله.. دافعوا عن سمعتكم..
فخير وسيلة للدفاع عن النفس هى الهجوم على الآخر.. هجوم سلمى.. هجوم بوسائل الدعاية.. نحن الآن فى حرب.. حرب من نوع جديد
حروب الجيل الرابع والخامس والعاشر.. والحرب خدعة..
فهل لدينا الاستعداد للتعلم.. أم ما زلنا نكتفى بالفرجة؟