أكرم القصاص

حكايات لا يعرفها الصندوق الأسود..قلوب منفردة وذئاب تائهة

السبت، 21 مايو 2016 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعاطف.. أول ما يأتى إلى ذهن المتابعين عند وقوع كارثة جوية، ومع متعلقات الركاب البسيطة التى تطفو على سطح المياه تطفو ذكريات ومشاعر يصعب كتمانها. عن آخر مشاعر طبيعية للركاب قبل الكارثة. فقد كانوا يستعدون للهبوط، وهناك من ينتظرهم ليتجهوا إلى المنزل، ويبدأوا يوما جديدا، لم يكن هناك يوم جديد فى حياة هؤلاء.

لو لم تقع الكارثة ما عرفنا قصة أحمد وريهام، زوج حمل زوجته المريضة بالسرطان إلى باريس للعلاج بعد أن باع ممتلكاته ليواجه المرض، وترك أطفاله الثلاثة عند أمه وعاد فرحا بالانتصار على المرض، لكنه لم يصل للقاهرة، نزل فى الطريق ولم ير أطفاله الثلاثة، الذين تغيرت حياتهم وشكل مستقبلهم. وسوف يكبرون ليحملوا قصة أب وأم وأسرة وعالم من الحكايات كانوا يحلمون به ولم يعد موجودا.
خارج الصندوق الأسود.. حكاية أربعة من عائلة واحدة، كشفها المخرج عثمان أبو لبن عن عمه وزوجته وابن عمه وزوجته، وتسعة من بلدة واحدة كانوا عائدين ولدى كل منهم طموحاته وأحلامه وحكاياته، مضيفة مثلت دورا قبل عشرين عاما وزيادة فى مسلسل أبو العلا البشرى الشهير أمام الفنان الراحل محمود مرسى.

كل هذه القصص لا يسجلها الصندوق الأسود لكنها تمس القلوب، وتذكر الأحياء بأنهم ينتظرون دورهم، بل انها تكشف عما يمكن أن يخفيه الصندوق الأسود للبشر من حكايات وطموحات وأحلام ومصادفات تغير مسارات البشر مثلما تغير مسارات الطائرات. كل قصة من هذه القصص تسجل عالما متكاملا من إرادة الحياة.

الحكايات تبقى بالرغم من انشغالات البعض بالبحث عن تفسير للغز ربما يبقى غامضا مثل كثير من حوادث الطائرات، خاصة فى ظل تهديدات إرهابية لاتقتصر على بلد دون آخر، تمتد من الشرق الأوسط إلى أوروبا وأمريكا. وقد أصبح لدى أجهزة الأمن هواجس تجاه «ذئاب منفردة» تعيش بينهم ولدت وتعلمت فى مجتمع يخاف منهم، ويحاول أن يتفهم كيف يمكن أن يتحول هؤلاء إلى قتل جيرانهم وغيرهم. وكيف تتحول قلوبهم إلى صناديق سوداء للكراهية والدمار، تجاه مجتمعهم وتجاه البشر. وهى افكار يقف العالم احيانا عاجزا عن تفهمها، أو فك ألغازها لكونها جزءا من صندوق أسود تتداخل فى أجهزة ومؤامرات وحروب وصراعات، يمثل فيها هؤلاء السباب دورا قاتلا وإن كان ليس أساسيا.

تبقى الحكايات الإنسانية لضحايا المطارات ومحطات القطارات أو المقاهى والشوارع فى باريس أو بروكسل أو لندن أو فى الطائرة الروسية، أو المصرية، تبقى غامضة وتترك حكايات على حياة الناس، وتغير من مصائر الأسر والبشر والأبناء. قد لاتشغل أى مساحات لدى من يفكرون فى تفجير طائرة أو مطار أو مقهى لكنها تظل شاهدا على تقاطعات المصائر.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة