تحية واحترام وتقدير
قرية الإسماعيلية بمركز المنيا كانت تعيش فى هدوء وتآخٍ بين مسلميها ومسيحييها، إلى أن حدث ما حدث، أغلق الأمن الكنيستين 2009 لدواعٍ أمنية!
لكن الأقباط كما عبر البابا تواضروس الثانى «وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن»، وتحملوا الصلاة فى خيام بناها لهم أشقاؤهم المسلمون بالقرية، حتى حرق متطرفون الخيام، فصلوا يا سيادة الرئيس فى العراء!
نص رسالة الأهالى:
«كنيستان فى قريتين صغيرتين متلاصقتين، تدعيان الإسماعيلية البحرية والإسماعيلية القبلية، بُنى المكانان سنة 2009، وفشلت محاولة الصلاة فيهما فى 2011، ولجأ الأهالى إلى المنازل لإقامة الشعائر، حتى استقر الأمر على إقامتها فى خيمتين دائمتين على مرأى ومسمع من جميع السكان والجهات الأمنية والمسؤولين المحليين، وتعددت المطالبات الكتابية للجهات المختصة لفتح المكانين، ولم يُفتحا، حتى قام البعض بحرق الخيمة الدائمة بكل محتوياتها عن آخرها، وذلك فجر الخميس 12 مايو، والتزم الأقباط ضبط النفس، وغالبوا آلامهم وجروحهم، واستأنفوا الصلاة فوق المكان الذى احترق الأحد 15 مايو، وقبض الأمن على الجناة الذين اعترفوا اعترافات تفصيلية بحرق المكان، والآن يلتمس الأهالى فتح المكانين المغلقين، حيث إن فتح أحدهما فقط يعنى ضمنًا إنذارًا بحريق آخر فى الخيمة الأخرى، للتفكير فى فتح المكان المغلق، ليست هناك موانع من أى نوع، لا سيما أن مسلمى القريتين يتقدمهم رؤساء عائلاتهم تقدموا بالفعل بطلب لفتح المكانين، ويُخشى من التباطؤ فى فتحهما من إيجاد مناخ من التوتر يعقّد عملية الفتح، ليصبح المانع حينئذ هو «الاحتقان الموجود»!
سيادة الرئيس:
لقد صلى الأنبا مكاريوس، الأسقف العام للمنيا، فى مكان الحريق بحراسة وجهاء وأهالى القرية المسلمين، ولم تعد هناك حجة أمنية لعدم فتح الكنيستين المغلقتين، ونحن نمر بظروف صعبة، ولقد قام الأقباط فى القريتين بكل حكمة تمنع أى فتنة طائفية، وأتمنى أن تتم مقابلة تضحياتهم وحكمة الأسقف بفتح الكنيستين أو إحداهما على الأقل.
مصر بخير، وهناك الملايين من أبنائها الطيبين يضحون بالغالى والنفيس فى سبيل أن يعبر الوطن أزماته، يتحملون تجاوزات بعض رجال الشرطة من أجل عيون الشهداء، نتعلم منهم دروس الوطنية التى يلقنونها لنا ببساطة ودون ضجيج، وكأن شيئًا لم يحدث.. لا يتحدثون عن تيران ولا صنافير، ليس لأنهم أقل وطنية ممن يثورون ويتظاهرون، ولكن لأن حكمة السنين علمتهم الثقة فى القوات المسلحة، حامية التراب الوطنى والحدود، ويربون أولادهم ويصرفون «دم قلبهم» ليعلموهم ويرسلوهم إلى الجيش لأداء الخدمة العسكرية حبًا فى الوطن، يعود بعض أبنائهم شهداء، ولا يبكونهم كونهم شهداء عند ربهم يرزقون، لا يتذمرون من ارتفاع نيران الأسعار التى تحرقهم أكثر من الآخرين، لكنهم يصبرون منتظرين عبور الوطن أزماته، يزرعون القمح ويحلمون بالحصاد، يقتسمون الخبز بالعرق والدموع، لا يعرف عنهم «بارونات» الإعلام شيئًا إلا فى أثناء تشييع أبنائهم الشهداء، هؤلاء هم ملح الأرض الذى بدونه تفسد الأرض.
سيادة الرئيس:
هؤلاء يصلون فى مساجدهم وكنائسهم من أجل سلامة الوطن، والنيل والجيش والضباط والجنود، وسلامة الشعب، هؤلاء سيادة الرئيس لن تشاهدهم فى الصفوف الأولى بالمساجد القاهرية الكبرى، أو بالكاتدرائية بالأعياد، هؤلاء هم من افترش المسيحيون منهم الأرض بالإسماعيلية مع الأسقف لإقامة القداس الإلهى، أو من وقف خلفهم من أشقائهم المسلمين لحمايتهم خلال الصلاة.. إنها ملحمة مصرية لم ينقلها إعلام البارونات، ولا الصحف المملوكة لأصحاب المصالح، أنقلها إليك أيها الرئيس الإنسان النبيل.
وسلامًا.. ليس من هذا العالم المضطرب غير القادر على صنع السلام .. بل من الله صانع السلام.