كلها اتهامات لا تبعث على الاحترام، وآخرها بشأن سقوط طائرة مصر للطيران القادمة من باريس، التى جاءت فى أعقاب زيارة الرئيس الفرنسى الناجحة للقاهرة، وما ترتب عليها من نتائج مثمرة، وكأن هناك من يخطط لإفساد علاقات مصر بالدول التى تساعدها، مثل روسيا وفرنسا وإيطاليا والسعودية، وقبل أن تزول آثار أزمة تنشأ أخرى، وترقص قوى الشر فى الداخل والخارج على نتائجها، فى اتجاه التربص والتشويه والتصعيد، وتبدو عبارة الرئيس السيسى صحيحة «قوى الشر مش هتسيبنا طول ما احنا بننجح».
لم تقلع طائرة مصر للطيران من القاهرة أو الغردقة أو شرم الشيخ، بل من مطار شارل ديجول بباريس، ورغم ذلك حاول البعض أن يشير بأصابع الاتهام إلى مصر، وضرب مؤسسة مصر للطيران العريقة، قبل الوصول لأسباب سقوط الطائرة، خصوصًا مزاعم «سى إن إن» حول انتحار قائد الطائرة، وهو تفسير وقح لا يحترم أرواح الشهداء، ويحاول أن يشوه سمعة الشركة المصرية وطياريها، رغم حرص السلطات المصرية على إدارة الأزمة بأقصى درجات الوضوح والشفافية.
الهدف هو خلق أزمة بين مصر وفرنسا، فى إطار خطة ممنهجة لضرب العلاقات مع الدول الداعمة، ورغم أن مسؤولية تأمين الطائرة وتفتيشها تقع على الدولة التى كانت الطائرة تحت سيطرتها قبل الإقلاع، عمدت وسائل الإعلام الشريرة إلى أن تختلق أسبابًا ملفقة وخارج إطار العقل، لخلق حالة عداء لدى أهالى الضحايا الفرنسيين، بتكرار نفس اتهاماتهم القديمة للبطوطى، قائد طائرة مصر للطيران التى سقطت قبالة السواحل الأمريكية سنة 1999، بسبب عبارة قالها قبل سقوط الطائرة «توكلت على الله»، وهى لا تصدر إلا من إنسان مؤمن ومتدين ويعرف ربه، ولا يمكن أن ينتحر، لأنه وقتها يموت كافرًا ويفقد دنياه وآخرته، واستبعدوا السبب الأقرب للحقيقة، وهو اصطدام الطائرة بصاعقة كهربائية أو عمل تخريبى بالغ الدقة.
الأمر نفسه ينطبق على الطائرة الروسية التى سقطت بعد إقلاعها، ومازالت توابعها مستمرة، وحقق الشياطين أهدافهم بضرب السياحة، وكلما تهيأت خطوة لاسترجاع السياح الروس، وعودة الحياة إلى شرم الشيخ التى لحقت بها إضرار بالغة، يقع حادث درامى مباغت يرجع بالأوضاع إلى نقطة الصفر، مثل المعتوه المتآمر الذى اختطف طائرة برج العرب، وسوف تثبت التحقيقات أنه من عناصر التخريب التى تحركها جماعة الإخوان الإرهابية.
ويعاد إنتاج نفس سيناريوهات التحريض والتشويه، صورة طبق الأصل فى قضية ريجينى والجزيرتين، وما سيأتى من جديد، بهدف فرض الحصار والعزلة على مصر، واختيار نوعيات من الأحداث تحقق أقصى ضجة ممكنة، وبث أكبر قدر من الشائعات والأخبار المغلوطة، وتوظيف ما يمكن توظيفه من وسائل الإعلام المصرية، لتقوم بنشر الشائعات والترويج لها، ثم تنقل وسائل الإعلام الأجنبية عنها، وتظل الدائرة تدور بهذا الشكل، وتدهس تحت أقدامها الحقائق، بهدف تشديد الضغوط الدولية على مصر، ووقف طموحها المشروع فى بناء دولة قوية، وعرقلة مشروعات البناء والتنمية الضخمة، التى يُنفذ معظمها فى صمت ودون إعلان.
«يا جبل ما يهزك ريح».. فقد عاشت البلاد أحداثًا جسامًا ونجت منها، وتآمروا على شعبها فزادوه قوة وتماسكًا وصلابة، واستهدفوا جيشها فكان طوق الإنقاذ للوطن، ولن تضعف قوتها مثل هذه الحوادث الدرامية، التى تجد صعوبة فى تفسير أسبابها أو التوصل إلى مرتكبيها، ولا يمكن أن تكون عادية أو بمحض الصدفة، لأن الصدفة لا تقبل التكرار عدة مرات فى وقت قصير، إلا إذا كانت هى الأخرى تتربص بالبلاد، وتمسك خيوط المؤامرة.