«لم تعد تقدم لنا السينما إلا «الهلس» وأفلاما بلا قيمة لهذا نشاهد الفيلم الأجنبى ونخاصم المصرى». «بنتفرج على أفلام كلها مضروبة» «السينما المصرية خلاص راحت عليها»، تلك بعض من العبارات التى يرددها كثير من الجمهور العازف عن مشاهدة الأفلام القليلة التى تنتجها السينما المصرية، وهم على حق إلى حد ما، ونفس الأمر تردده التقارير الصحفية هنا أو هناك، ولكن هناك استثناءات تبدو كالإشراقات على شاشات فتجد سريعاً ما تتغير النبرة لدى البعض، خاصة فى الصحافة، فنجد تقارير صحفية تقول إن السينما استعادت عافيتها، وأن هناك اتجاهات شابة ستغير الحال، وأن السينما المصرية فى طريقها للعالمية وغيرها من الحديث شديد التفاءل المبنى على أحلام أكثر منه واقعياً.
وأنا لست من بين هؤلاء أو هؤلاء، فلست من بين أهل التشاؤم الشديد ولا أنا أيضاً من أهل التفاؤل المفرط، ببساطة لأننى أتعامل مع السينما ليس كوحدة واحدة، ولكن كأفلام كل منها وحدة منفصلة تعبر عن صانعها وعن فكره وفنه.
ربما تلك كانت مقدمة لابد منها قبل الحديث عن فيلم هيبتا الذى يتصدر الإيرادات وتفوق على غيره من أفلام موسم شم النسيم التى احتوت على الكوميديا التى تصنع عادة ورقة رابحة لمنتجيها وغيرها حتى من أفلام لأسماء كبيرة فنياً وتاريخياً، وربما لم يحمل الفيلم اسما واحدا فى الأفيش قد يدفع الجماهير للوقوف صفاً لمشاهدة الفيلم، وهكذا بدا للبعض نجاح هيبتا، وكأنه لغز أو مفاجأة وربما منح البعض نجاحه لكثير من العناصر، بينما الإجابة تكمن بدايتها عند نص لرواية تم طباعتها 58 مرة حتى ظهور الفيلم، وهذه بداية فى حد ذاتها تضمن لأى فيلم مأخوذ عن هذه الرواية، ويضع نفس عنوانها أن تدفع قارئ الرواية إلى التوجه لدار العرض فى محاولة لمقارنة خياله بخيال آخر لفنان آخر صانع للفيلم، خاصة أن البعض منح الرواية حين صدرت حكماً بأنها تنتمى لأدب المراهقين، أى أنها رواية يقع فى هواها صغار السن وهل يستطيع أحد أن ينفى أن القوة الحقيقية والإيرادات فى السينما تأتى من المراهقين، ومن هم أكبر قليلاً.
إذاً نحن أمام فيلم ضمن جزء كبير من جمهوره حتى قبل أن يعلن عن نفسه، ولكن هل اكتفى صُناعه بهذا وركنوا لهذه الميزة؟
لا لم يفعلوا فقد اجتهد كاتب السيناريو وائل حمدى فى صياغة سيناريو متشابك لعلاقات ربما عاشها كثير منا، فيتصور المشاهد أن تلك قصته هو، بينما يكتشف مع نهاية الأحداث أن الحياة مازالت قد تحمل له قصص أخرى من علاقات الحب، فالحب ليس كيان له شكل وبداية ونهاية واحدة، لكنه ملايين الأشكال والحكايات والبدايات والنهايات، وما قصص الأفلام أغلبها، بل كلها إلا صور من الحب.
هادى الباجورى فى تجربته الثالثة إخراجيا للسينما لا يبدو ككثير من المخرجين الذين بدأوا حياتهم بإخراج الفيديو كليب مخرج قصير النفس مهتم بالصورة أكثر من المضمون، وبالتأكيد من خلال اختياره لممثليه أضاف ميزة للفيلم تحسب له، فجميعهم موهوبون، ولكن لا أحد منهم يستطيع اسمه أن يحمل بطولة فيلماً على أكتافه، ورغم هذا جعل من كل منهم بطلا يتقدم خطوات فى مسيرته.
ماجد الكدوانى، نيللى كريم، كندة علوش، شرين رضا، ياسمين رئيس، عمرو يوسف، محمد فراج، أحمد مالك، أحمد داود، جميلة عوض، دينا الشربينى، أحمد بدير، سلوى محمد على كلهم صنعوا طرفاً من أطراف النجاح.
منذ سنوات عُرض فى موسم ليس الأفضل لعرض الأفلام، فيلم سهر الليالى، لكاتبه تامر حبيب ومخرجه هانى خليفة وصنع الفيلم حالة توقف عندها الكثيرون وتساءلوا لماذا وكيف نجح كل هذا النجاح؟ وأعتقد أن الإجابة بسيطة، لأن كثيرا من المشاهدين رأوا أنفسهم فى الفيلم فصدقوه أو تمنوا أن يكونوا مكان أبطاله.
وحالة هيبتا مماثلة، وإن زادت، لأن المشاهد متعاقد مع القصة حتى قبل ظهور الفيلم.