منذ 2011 تغيرت بداخلنا أشياء كثيرة أولها قدرتنا على الانتماء لهذا البلد
لا أعرف لماذا تراودنى بشدة وتتردد على مسامعى أغنية المطربة الدافئة الجميلة عفاف راضى «مصر هى أمى نيلها هو دمى شمسها فى سمارى شكلها فى ملامحى حتى لونى قمحى لون خيرك يا مصر».
كم كانت الأغانى الوطنية ذات تأثير ساحر علينا فى الماضى، ورغم أننا جيل لم يعش ويلات الاستعمار ولا ذقنا هزائم ولا انتصارات مصر التى خاضتها من أجل الحرية.. فنحن نعتبر جيل السلام الذى قرأ فى كتب التاريخ عن أمجاد المصريين واعتبرنا أنفسنا جيلا من المحظوظين لم نعرف كيف نثور أو نتمرد، لكننا أحببنا بلادنا ليس رخاء ومضيعة للوقت إنما شعور بالفخر أننا مصريون، رغم أننا لم نعش رخاء الرزق ولا وصلت مصر لمصاف الدول العظمى أو المتقدمة، لكن كان هناك رابط قوى متين يربط قلوبنا بهذه البلد العظيمة.. حتى قامت ثورة يناير 2011 وقتها ظهر جيل آخر لم نكن نشعر به أو ندرك أن لديه القدرة على التغيير والتمرد على كل ما هو ظالم ومستبد، فكم من الأعداء قد تجدهم بين أهلك ووطنك..
بعضنا أيد الثورة وبعضنا التزم الصمت لكننا دائما كنا فخورين بما يحدث فى المجمتع من تغيير وشجعنا هذا الحراك الديمقراطى من أجل عيش حرية عدالة اجتماعية. ومنذ 2011 وحتى الآن تغيرت بداخلنا أشياء كثيرة أولها قدرتنا على الانتماء لهذا البلد والتأقلم مع ما يحدث من تغيير فى كل شىء حتى فى نظرتنا لبلدنا.. أصبحنا نخشى من التعبير عن حبنا لمصر.. ندين ونشجب كل سىء وصالح وكأن طبيعه الأشياء هى النقد اللاذع لكل حياتنا حتى وأن كان ليس لدينا أى رؤية ولا أفكار تساعد على النهوض بهذا التراب المصرى.
تحولنا إلى لسان كبير سليط لا يقرأ الأحداث إلا بعين العدو.. يسعى بكل قوته إلى التخلص من جنسيتة المصرية وكأنها أصبحت وصمة عار أو داء معدٍ يتهرب كل من يحمله إلى إنسان موبوء.. وتحول الحل الوحيد لآلاف الشباب الفرار من بلد يحاول أبنائه التخلص من جلودهم ينزعونها نزعا بدلا من سترها بأيديهم وأعينهم وقلوبهم.
منذ عام 2011 زادت طلبات الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا إلى أضعاف ما كان يحدث من قبل، الآن لو سألت أى شخص يمشى بجوارك فى الشارع ما هو حلمك «يقول بملء فمه أسيب البلد ده وأهاجر»، وتحولت الهجرة التى كنا فى الماضى نعتبرها كربة من الكرب.. فهى بعد عن الأهل والسند، أصبحت حلم سحرى يراودنا جميعا ولا أستثنى نفسى أحيانا.
فكرت فى البحث عن الخلل والعلة فلم أجد سوى الأحساس بالظلم من أقرب الناس إلينا والغربة عن مجتمع انقسم فيه كل شىء.. افتقارنا للقدوة فلم نعد نعترف بالكبير وكأنه أصبح من الخرافات التى عفى عليها الزمن، والفقر الذى بلغ الحلقوم.. رغم كل الجهد المبذول والأمل الذى نستشعره أحيانا.
كل هذا دفعنى لكى أقلب فى الدول التى تمنح جنسيتها بأرخص الأسعار فوجدت أن جزيرة الدومينيكان أحد جزر البحر الكاريبى تعتبر من أرخص الجنسيات، حيث تستطيع أن تحصل على الجنسية مقابل 100 ألف دولار أمريكى فى فترة من خمسة أشهر إلى 14 شهرا تقيم فيها على الجزيرة ومواطنيها لديهم امتيازات خاصة فى إنجلترا ويستطيعون السفر إلى 50 دولة منها سويسرا، كذلك جزيرة مالطا والمجر والنمسا وجزر لم نسمع عنها من قبل «كجزيرة جراينادا» و«سانت كيتس»، لكن الفيصل فى كل هذه البلاد التى تمنح جنسيتها أن تكون غنيا تملك ملايين الجنيهات، أما الغلابة أمثالنا فليس لديهم إلا أن يتضرعوا ويصبروا ويتمسكوا بمصريتهم وأملهم أن غدا سيأتى بالأفضل.وربما يأتى اليوم الذى نعود للفخر بمصريتنا كما كان فى الماضى لكن هذا لن يحدث إلا بالعمل، فتخيل لو أن أحدا دخل عليك بيتك وحطمه فوق رأسك هل ستستسلم أم ستشرع فى بنائه من جديد.. فإذا دخل اليأس من الباب خرج الأمل من الشباك.. أغلقوا الباب على مصر وأعيدوا بناءها فهى تحتاج منكم ذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة