كلما حلت أزمة جديدة فى النشر والحريات، نرى البعض يستعيد تواريخ الأزمات السابقة وكيف كانت تتم إدارتها من كل الأطراف بمزيج من الشد والجذب والسياسة والحيلة، حتى لا تصل الأمور لطرقات مسدودة، وما نزال نتذكر أقصى درجات التـأزيم أثناء إدارة أزمة القانون 93 لسنة 1995 عندما انتفض الصحفيون فى مواجهة هجمة من بعض نواب الحزب الوطنى والمسؤولين أبدوا ضيقهم مما تنشره الصحف الحزبية وقتها، لم تكن الصحف الخاصة ظهرت. المهم أن قانونا صدر وفيه عقوبات الحبس فى قضايا النشر، وهو ما واجهه الصحفيون بالغضب وانعقدت جمعيات عمومية طارئة وكانت الاتجاهات متباينة، من أقصى اليسار لليمين للوسط. وهى طبيعة التركيبة المهنية والنقابية والسياسية. وكان النقيب وقتها الأستاذ إبراهيم نافع، ومن بين أعضاء مجلس النقابة وأجيال الصحفيين متنوعين من جلال عارف محمود المراغى صلاح عيسى أمينة شفيق مجدى مهنا، ثم الأجيال التالية وبعضها الآن لى رأس النقابة، ثم الشباب بتوعاته. كانت معركة الصحفيين استقطبت المجتمع والمثقفين من كل الاتجاهات.
كانت الأصوات المتطرفة والمعتدلة تختلف وتتفق. والغضب يتم توظيفه إلى مطالب تعلو وتنخفض. واستمرت السجالات والجولات والتهديدات من الصحافة والاحتجاب. المهم انتهت الأزمة بالتراجع وانتزاع الفتائل المشتعلة والتراجع. بالرغم من أن كل التصريحات كانت تدور فى سياق الرفض والتمسك بمواد التقييد.
لماذا نروى هذه القصة؟، ربما لنستعيد تجربة خاضها الصحفيون بمواجهة أطراف فى السلطة كانت تتسم بقدرات ومناورات وتحديد للمطالب، وحرص على إبقاء الأزمة فى سياقاتها، وتوظيف كل الأصوات المتطرفة والمعتدلة من دون الدخول فى صراعات تهدد وحدة الصحفيين. حتى لو جرت اختلافات فى الرأى، لم تصل للقطيعة والتحريض والاتهامات والشتائم. وكان المكسب الأول فى الأزمة هو التمسك بوحدة الصحفيين واستقطاب المجتمع كله.
اليوم ونحن ندير معاركنا اختلفت التفاصيل، وتوزعت الطرق وبقيت القضايا قائمة، وإن اختلفت الطرق وتشعبت، وتداخلت العلاقات والمصالح. ومع أن السبب الاساسى للأزمة يبدو أقل كثيرا من أسباب الأزمة وقت القانون 93، ثم أننا فى وضع تطورت فيه أدوات الاتصال والتواصل وأصبح من الصعب تقييد الرأى أو حرية التعبير، لكن بالرغم من اتساع أدوات التعبير، بدا الأمر أكثر صعوبة فيما يتعلق بمدى تقبل الرأى الآخر. وبدا أن التهديد للحرية يأتى من عدم قدرة الزملاء على تقبل بعضهم، وتظهر دعوات للمنع والشطب، ناهيك عن التلاسن والشتائم. اتسعت الأدوات فهل زادت الحريات؟.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة