يقولون بأن العالم كله أصبح قرية صغيرة، وأن ما يحدث فى أدنى بلاد العالم يؤثر حتما فى أقصاها، ومع ذلك ما زالت هناك فروق بين الثقافات وكذلك بين طرق التفكير والرؤية المستقبلية للذات، وتكفى مقارنة بسيطة بين فريق ليستر سيتى الإنجليزى وأى فريق مصرى فى كرة القدم ليتضح الفارق المهول بين طريقتين فى التفكير بينهما ما بين السماء والأرض من مسافة لصالح الفريق الإنجليزى، هذه المسافة لا تجرؤ فى مجتمعنا أن تدخل حيز التطبيق بأى شكل من الأشكال.
الفريق الإنجليزى استطاع أن يحصل فى هذا العام على «بطولة البريميرليج» الذى يعد من أقوى الدوريات فى العالم، بما يعد مفاجأة عالمية كبرى، لكنها مفاجأة منطقية تعتمد على الجهد والمثابرة والطموح والرغبة فى النجاح وكسر أفق التوقع وهزيمة الكبار، ولكى نفهم ما حدث علينا أن نتخيل شعور أى فريق مصرى صعد من دورى الدرجة الثانية لدورى الدرجة الأولى ما الذى سيكون شعوره وما أحلامه، بالطبع ستكون التمثيل المشرف والمحافظة على مكانه فى دورى الدرجة الأولى، لكنه أبدا لن يكون جزءا من طموحه هو الحصول على الدورى ومنافسة الأهلى والزمالك فى ذلك، وخوض منافسة حقيقية مع نفسه لتحقيق ذلك الحلم.
وهذه الطريقة فى التفكير والطموح الناقص والمكسور والرغبة فى البقاء فى المنطقة الآمنة للأسف هى طريقة تفكير عامة كانت نتيجتها احتفاظ الأهلى، ومن بعده الزمالك بالنسبة الأكبر فى الحصول على الدورى المصرى، مما أفقدنا حس المفاجأة، وبالتالى أبعدنا عن تجارب الابتكار، وبالتالى وضعنا فيما يمكن أن نطلق عليه النمطية التى انعكست على حياتنا كلها، لذا قلّت نسبة المفاجآت الإيجابية، وأصبحنا نتوقع أن فلانا سيحصل على جائزة كذا، لأن مؤسسة معينة هى من رشحته لها، وأن علّانا سيصبح عضوا فى البرلمان، لأن أجداده كانوا هناك، حتى وصل الأمر لدرجة أصبحنا نعرف تفاصيل اليوم المقبل من حياتنا نتوقعه تماما بكل سلبياته وإحباطاته ولا نفكر أو نقوى على تغييره أو حتى صنع القليل من البهجة به.
إن حصول فريق ليستر سيتى على الدورى الإنجليزى بعد أن كانت الرهانات فى بداية الدورى لا تمنحه سوى نسبة 1 إلى 5 آلاف، للحصول على البطولة يحتاج إلى وقفة حقيقية نتأمل خلالها الأثر النفسى الكبير الذى أحدثه فوز هذا الفريق فقد أحدث دائرة من التفكير الإيجابى اللازم والضرورى، لتحقيق الأحلام والأهداف التى يسعى الإنسان لتحقيقها.