ما زال العالم يعانى من عنصريته البغيضة وتعصبه، وما زال الفن أحيانا ينفذ أجندة سياسية لدول أخرى تملك نفوذا ويدها قادرة على تشكيل السياسة الدولية، وتتحكم فى كل شىء حتى الفنون والثقافات، الفنون التى كنا نعتقد أنها الرهان الأخير لإنقاذ البشرية من الشر الذى يتربص بها وينتظرها.
منذ أيام قليل قرر القائمون على نهائيات المسابقة الأوروبية للغناء «يوروفيجن»، حظر رفع العلم الفلسطينى فى الحفل الذى تستضيفه العاصمة السويدية منتصف شهر مايو الجارى، حيث فرض اتحاد البث الأوروبى حظرا على رفع عدد من الأعلام، ومن بينها علما فلسطين وتنظيم «داعش».
والسؤال كيف لهؤلاء المنظمين ومن وراءهم أن يربطوا بين علمى فلسطين وداعش ويجعلانهما فى كفة واحدة، فجميعنا يقر على منع علم داعش من المشاركة فى أى شىء، لأنه ليست هناك دولة تسمى داعش إنما هى تنظيم إرهابى يرتكب الآثام فى الأرض، لكن العلم الفلسطينى الذى يرمز إلى أرض وشعب فإن منعه هو نوع من التعصب الأعمى والخضوع المبالغ فيه للصهاينة ومَن وراءهم.
ومثل هذا القرار يتجاهل بكل «فظاظة» ما حدث، من قبل، عندما منحت الأمم المتحدة فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو، بعد تصويت تاريخى فى الجمعية العامة هناك، وحينها تم رفع علم فلسطين فى قلب الأمم المتحدة.
وللعلم فإن مثل هذه القرارات تعود بخسارة كبرى على المنظمين أنفسهم، لأن كثيرا من الشعب الأوروبى يتعامل مع فلسطين بتعاطف كبير، كما أن الأمر سوف يكشف بسهولة الضغط السياسى الذى يخضع له مهرجان الأغنية الأوروبية، كما سيدرك الجميع أن ثقافتهم ليست حرة كما يدعون، وبالتالى سيكون لبعض المتابعين لهذه المسابقة موقفا ضد هذا الضياع الثقافى.
أما عن كون الحل يكمن فى «تجنب» هذه المسابقة وعدم متابعتها ومقاطعتها فليكن ذلك هو «أضعف الإيمان» الذى نفعله فى النهاية بعد محاولات عديدة نقوم بها ولن نلجأ إلى ذلك إلا بعد فشلنا فى البحث عن حلول أخرى أهمها استخدام الحشد والضغط على المنظمين وإقناعهم بقضيتنا أو على الأقل إحداث نوع من الجدل، بما يجعلنا نكسب أصواتا جديدة تدين هذا الحظر، لكن الصمت والتجنب سوف يؤدى لنوع من التأكيد لما يريد أن يقوله الآخرون الساعون لأذيتنا، خاصة أن مسابقة الـ»يورفيجن» للأغانى مسابقة غنائية ينظمها الاتحاد الإذاعى الأوروبى منذ العام 1956، وتعد أكبر حدث غير رياضى من حيث عدد المشاهدين، حيث يقدر عدد مشاهديه بين 100 مليون إلى 600 مليون شخص حول العالم فى السنوات الأخيرة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة