تحت مسمى «رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة»، يتجول السفير القطرى محمد العمادى داخل الأراضى الفلسطينية، وتحديدًا قطاع غزة، وكأنه المندوب السامى، يتحرك ويتحدث متجاوزًا طبيعة المهمة المكلف بها، بما يشير إلى وجود دور آخر مكلف به العمادى، يتجاوز المسمى الممنوح له، وهو إعادة إعمار غزة.
آخر هذه الأدوار ما قاله موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسى لحركة حماس، بأن «السفير القطرى محمد العمادى واصل جهده وبصمت منذ اللحظة الأولى للتوغل الإسرائيلى شرقى رفح والشجاعية بقطاع غزة، وتدخل، ودافعه هو حبه لأهل غزة، وحرصه على ألا يهدم العدوان ما بناه بطول القطاع وعرضه.. إن أهل غزة يقدرون لرجال معروفين بجهدهم فى كل الميادين دورهم فى صد العدوان الإسرائيلى الأخير على رفح وشرق غزة، ذلك هو السفير القطرى محمد العمادى».
ولا يخفى على أحد أن العمادى يذهب إلى قطاع غزة بالتنسيق المستمر مع الحكومة الإسرائيلية، فهو يستخدم مطار بن جوريون وهو قادم من قطر، وتنقله سيارات إسرائيلية من المطار إلى معبر إيريز لدخول غزة، إذا قرر الذهاب مباشرة إلى القطاع وعدم المبيت فى تل أبيب للقاء مسؤولين إسرائيليين، مثل اللقاء الذى جمعه مؤخرًا بمنسق شؤون الحكومة الإسرائيلية، الجنرال يوأف مردخاى، بتل أبيب، وأبلغه خلال الاجتماع أن «حماس» وضعت مقاتليها فى حالة استنفار لمنع إطلاق الصواريخ خلال عيد الفصح اليهودى، وكشف له حقيقة إحباط «حماس» ثلاث محاولات لإطلاق الصواريخ باتجاه المواقع الإسرائيلية خلال «الفصح»، وبعد هذا اللقاء خرج العمادى فى الإعلام الفلسطينى والقطرى ليقول إن هناك نتائج إيجابية فى الاتصالات التى جرت مع الأطراف المعنية، لتفادى أى عدوان جديد على غزة .
فالعمادى يقوم بأدوار سياسية ودبلوماسية بين قطر وإسرائيل وقطاع غزة، الواقع تحت السيطرة الفعلية لـ«حماس»، فهو يعتبر الأداة التى تستخدمها الدوحة فى التواصل المباشر مع الحكومة الإسرائيلية، كبديل عن فكرة إيجاد سفارة لقطر فى تل أبيب، فالعمادى يقوم بالدور المطلوب منه فى هذا الشأن، وربما يكون تصريحه الأخير بأن هناك توجهًا لفتح مكتب فى مدينة القدس المحتلة، لإعادة إعمار المدينة، ودعم سكانها، وتعزيز صمودهم، هو إحدى وسائل الوجود القطرى الرسمى فى إسرائيل، فالقدس مازالت خاصعة للاحتلال الإسرائيلى، وتخضع لإدارة وسيطرة إسرائيلية كاملة، وليس من المنطقى أن يتم افتتاح مثل هذا المكتب إلا بتنسيق كامل وتام مع الحكومة الإسرائيلية، وهو الدور الذى يقوم به العمادى.
وهناك أحاديث دبلوماسية تدور حول ما يقوم به العمادى للوساطة بين إسرائيل وحركة «حماس»، ومنها على سبيل المثال أنه نقل لعدد من المسؤوليين الإسرائيليين رسالة من الدوحة تحمل عرضًا من قطر وقيادات حركة «حماس» المقيمة حاليًا فى الدوحة، بشـأن التهدئة الطويلة الأمد فى قطاع غزة، حيث عرضت «حماس» الاتفاق على هدنة طويلة الأمد فى قطاع غزة، مقابل السماح بتزويد القطاع بالغاز، وفتح المعابر الحدودية، على أن تتكفل قطر بدفع رواتب موظفى الحركة فى القطاع.
الواقع يؤكد أن العمادى يتعامل على أنه سفير لقطر فى قطاع غزة، استمرارًا للتحركات القطرية التى بدأت منذ عدة سنوات لفصل القطاع عن الدولة الفلسطينية، وتقوية وجود حركة «حماس» وسيطرتها على مجريات العمل فى غزة، وهو ما يظهر من كل تحركات العمادى ولقاءاته مع مسؤولى «حماس» فى القطاع، وتركيزه على ما يساعد «حماس» فى شوارع غزة، ولن أكون متجاوزًا إذا قلت إن السفير القطرى يتعامل فى غزة وكأنه الحاكم بأمره.
والواقع يؤكد أيضًا أن تحركات محمد العمادى أثارت غضب السلطة الفلسطينية، فهو تجاوز السلطات الممنوحة له، ودخل فى دور سياسى، والأكثر خطرًا من ذلك أن القيادة الفلسطينية تخشى أن يكون العمادى هو الوسيلة التى تراهن بها قطر وإسرائيل لتقسيم فلسطين، وتكريس الانفصال بين الفلسطينيين من خلال التواصل مع إسرائيل، نيابة عن «حماس»، دون علم السلطة الفلسطينية، بما يدعم فكرة قيام إمارة حماس فى غزة ككيان منفصل عن الدولة الفلسطينية، وهذا هو مكمن الخطورة فى التحركات التى يقوم بها الدبلوماسى القطرى، والتى يجب أن ينبته لها الجميع، وعلى رأسهم الفلسطينيون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة