إن كثيرًا من الإجراءات الاقتصادية التى ظهرت فى برنامج الحكومة حتى عام 2018 بالإضافة إلا ما هو قادم تدل على أن هناك اتجاهًا نحو توزيع عبء الضرائب غير مباشرة فى مجموعها بين مستويات الدخل المختلفة فى مصر، وإلى تحديد أنواعها، ثم توزيعها فى المجموع على مختلف الفئات الاجتماعية بنسبة استهلاك كل منها. وحتى يمكننا أن نوزع هذا العبء، يجب أن نحدد الاستهلاك الكلى لكل فئة اجتماعية على حدا.
الأمر الذى يتطلب أولاً تحديد مقدار الادخار الكلى لهذه الفئة، والوضع هنا تقديرى، ثم نلجأ بعد ذلك إلى استقطاع ادخار كل فئة من دخلها حتى نصل إلى تحديد استهلاكها. ثم توزيع عبء الضرائب غير المباشرة بين الفئات المختلفة الدخول، توزيعًا تناسبيًا مع معدلات استهلاك تلك الفئات الاجتماعية.
هذه هى السياسة التى تتبع فى قياس عبء الضرائب غير المباشرة على مختلف الفئات الاجتماعية فى مصر.
ولكن يؤخذ على هذه الوسيلة فى التوزيع التناسبى لعبء الضرائب غير المباشرة أنها تسقط من حسابها اختلاف أنواع السلع التى تستهلكها مختلف مستويات الدخول، وتسقط أيضًا من حسابها تبعًا لذلك اختلاف الضرائب غير المباشرة المفروضة على هذه السلع، إذ عادة ما يجب أن تكون الضرائب غير المباشرة المفروضة على السلع الكمالية أكثر ارتفاعًا من تلك التى تفرض على استهلاك السلع الضرورية. ولذلك يكون من الواجب، تفاديًا لهذا النقص، أن ندخل على التوزيع التناسبى لعبء الضرائب غير المباشرة درجة من التصاعد مع تصاعد مستويات الدخول، وندخل أيضًا تنوع سعر الضرائب غير المباشرة تبعًا لذلك. ولا شك أنه يظل من العسير تحديد درجة التصاعد اللازم إدخالها على التوزيع التناسبى لتلك الضرائب غير المباشرة.
وحتى يمكننا أن نبين مدى عبء الضرائب غير المباشرة على فئة اجتماعية معينة ذات دخل محدد، علينا أن ننسب ما تدفعه هذه الفئة من ضرائب غير مباشرة إلى مجموع دخلها. وهنا تظهر مشكلة تحديد الدخل الذى ننسب إليه عبء الضرائب، وذلك لأن مصلحة الضرائب وإن كانت تقوم بتسجيلها، إلا أن حسابات الدخول التى سددت هذه الضرائب غير متوفرة وغير معلومة لأحد. وهنا يجب أن نعتمد على الدخول الحقيقية فى تقدير عبء الضرائب غير المباشرة وليس على الدخول المسجلة فى مصلحة الضرائب. وعليه نسجل هنا ثلاث ملاحظات لمعالجة هذه المشكلة التى تعوق القياس الدقيق وتظلم محدودى الدخل والفقراء.
أولاً؛ يلزم أن تعمل وزارة المالية على اعتبار جزء من استهلاك الجمعيات التى تشتغل بالزرعة مثلاً، أنه استهلاك مباشر، بمعنى أن هؤلاء الزراعيين يستهلكون جزءًا من انتاجاتهم دون أن يأخذ شكل المبادلة. وهو ما يجعلهم يتفادون عن طريق الاستهلاك المباشر، دفع الضرائب غير المباشرة على السلع الداخلة فى هذا الاستهلاك المباشر. وعليه يكون من الضرورى ونحن بصدد توزيع عبء الضرائب غير المباشرة المخصصة للاستهلاك، أن نخصص منها لهذه الجماعات (الزراعية) الاستهلاك المباشر وذلك لعدم دفعهم الضرائب غير المباشرة عليه.
وثانيًا؛ يكون من الضرورى ونحن بصدد قياس مدى عبء الضرائب غير المباشرة على الدخول، أى ونحن بصدد نسبة عبء هذا النوع من الضرائب إلى مجموع الدخل، أن تدخل مصلحة الضرائب فى حساب دخول المزارعين الاستهلاك المباشر الذى قاموا به.
وثالثًا؛ يلزم أيضًا على مصلحة الضرائب، عند نسبها للضرائب غير المباشرة إلى الدخول التى قامت بدفعها، أن تخصم من هذه الدخول المعلنة الضرائب المباشرة المفروضة عليها، إذ أن الذى يتحمل عبء الضرائب غير المباشرة هى الدخول المتبقية بعد استقطاع الضرائب المباشرة، إلى الدخول المخصصة للاستهلاك فقط.
وواضح أن عدم كفاية الإحصاءات الخاصة باستهلاك كل فئة اجتماعية فى مصر، يشكل عقبة فى سبيل تقدير عبء الضرائب غير المباشرة على كل فئة من هذه الفئات، وعلى ذلك فإننا نكون مضطرين إلى سد هذا النقص فى البيانات عن طريق بعض الفروض التى تقام عن طريق خبرة وتقدير المؤسسات المعنية بهذه الأمور. ومع التسلم بصعوبة قياس العبء إلا أنه يظل من الضرورى القيام به على ما فيه من عوار ونقص , وذلك لإعطاء صورة إجمالية عن كيفية توزيع هذا العبء بين الفئات الاجتماعية المختلفة "توزيعاً عادلاً".
وهو ما يعتبر ضروريًا لوضع سياسة مالية سليمة وعادلة فى مصر من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أيضًا. وهو ما يجب أن تعمل عليه الحكومة الجديد ليل نهار حتى يدفع كل مواطن فى مصر نصيبه العادل فى فاتورة الدولة وليس الفقراء ومحدودى الخل وحدهم !
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة