نعيش وكأننا يتامى فى غفلة قبضة الحكومة
منذ أيام كنت فى أحد فروع السوبر ماركت العالمية.. فى أى سوبر ماركت فى العالم، يقف أحد البائعين بجوار كل قسم يساعد الزبائن فى الوصول إلى مبتغاهم، وفى أى سوبر ماركت يعمل جميع الكاشيرات غالبية الأوقات، وفى أى سوبر ماركت يدلك البائعون أو حتى العلامات الإعلانية عن وجود عرض ما، أو وجود تخفيض ما، لكن للأسف هذا لا يحدث فى مصر، تسأل نفسك: هل هذه الشركة العالمية تقدر أن تعامل زبائنها فى فرنسا مثلًا مثلما تعامل زبائنها فى مصر؟، وهل إذا «لطعت» الزبائن أمام الكاشير لأنها توفر فى العمالة، ولا تشغل إلا بوابة كاشير واحد ليخدم المحل كله سيتركها القانون الفرنسى أو البلدية الفرنسية؟، وهل تخسر هذه الشركة الكبيرة لكى تخفض عمالتها بهذا الشكل برغم وجود شبه قاعدة تجارية تقول إن السوبر ماركت لا يخسر أبدًا؟، وهل تمنح عمالها فى فرنسا أجرًا مثل الأجر الذى يتقاضاه العامل المصرى الآن، والذى يقل كثيرًا عن المائة يورو؟
قبل رمضان بأيام، ذهبت إلى شرم الشيخ هاربًا من اختناق القاهرة، وللأسف فقد أشرت على نفسى بأن أترك سيارتى وأذهب مستقلًا أحد الباصات السياحية التابعة لشركة مساهمة من وسط البلد، وبالفعل حجزت على درجة «رجال الأعمال»، وهى أعلى درجات وأغلاها، وما أن ركبت الباص حتى فوجئت بمستواه المتواضع فى كل شىء، بداية من الكراسى المهترئة المتسخة، والتكييفات الضعيفة التى تشعرك بأنها تصب عليك عرقًا وليس هواء باردًا، وصولًا إلى السائق الذى لا يختلف بأى شكل من الأشكال عن سائقى الميكروباص، والذى تشاجر مع نصف ركاب السيارة، واحتقر نصفها الآخر، بالإضافة إلى أنه أمضى بنا ما يقرب من تسع ساعات فى الطريق الذى من المفترض أن يقطعه فى خمس ساعات.
تذهب إلى الوكيل لتجرى الصيانة الدورية لسيارتك، فتجد نفسك تدفع أكثر من ثلاثة أضعاف ما تدفعه إذا ما ذهبت إلى الميكانيكى، برغم أن الخامات واحدة، وقطع الغيار واحدة، وإذا ما سألت عن هذا الفارق الشاسع بين المبلغين يقولون لك: «هو التوكيل كده»، دون أن تفهم كيف يترك لهم الحبل على الغارب هكذا فى تحديد هامش الربح، أو حتى مستوى الجودة.
لا شىء يعمل بضمير، ولا شىء يشعرك بالاحترام، إذا اشتريت جهازًا ووجدته تالفًا لا يضمن لك «الضمان» شيئًا، وإذا حاولت استخدام «خدمة» فلن تجد إلا الهوان، لا نشتكى لعلمنا بأن الشكوى لن تجلب إلا «وجع القلب» وخيبة الأمل، ولا تقدر أن تقاطع الذين لا يتقون الله فى أعمالهم لأنهم أغلبية كاسحة، تسأل نفسك: لماذا «يستغفلوننا» ويستضعفوننا هكذا وكأننا يتامى؟، لماذا تستقوى علينا الشركات العالمية العاملة فى بلدنا، والتى تأخذ من أقواتنا، وتتمتع بمميزات الاستثمار المتعددة دون أن تقدم لنا «خدمة محترمة»، وإذا كان هذا حال الطبقة المتوسطة التى أنتمى إليها، فكيف حال الطبقات الاجتماعية الأخرى؟، وأين الأجهزة الرقابية من كل هذا الهوان الذى نتجرعه فى كل تفاصيل الحياة؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة