هناك مطالب لهم لم تتم الاستجابة لها
حدد البدرى فرغلى، رئيس اتحاد أصحاب المعاشات ونائب البرلمان السابق، شعار الوقفة الاحتجاجية التى سينظمها أصحاب المعاشات اليوم: «هنفطر بالعيش الحاف احتجاجا على عدم تنفيذ مطالبنا».
الشعار يدل على أن هناك مطالب لأصحاب المعاشات لم يتم الاستجابة لها، وهى تتمثل فى رفع قيمته، حتى يتماشى مع كل التطورات السيئة التى تلاحق الجنيه، مما أدى إلى انخفاضه أمام الدولار، وترتب على ذلك ارتفاع الأسعار بدرجة لم يعد يتحملها أحد.
كما يعبر شعار «هنفطر بالعيش الحاف» عن أن الذين سيأكلونه لا يجدون غيره، وبالتالى فإننا أمام ناس يجدون أنفسهم بعد تعب السنين بلا دخل حقيقى يوفر لهم التدابير الضرورية للحياة دون أن يكون فيها الترفيه شيئا.
فى شهر أكتوبر الماضى كنت فى زيارة إلى الصين، كنت أشاهد فى المساء أنا وزملائى أصحاب المعاشات الصينيين من الرجال والنساء يصطفون فى الشوارع وعلى إيقاع الموسيقى يرقصون ويرتدون فى نفس الوقت زيا موحدا، وأخبرتنا مرافقتنا الصينية عن حالة أصحاب المعاشات فى الصين، مؤكدة أنهم يتقاضون راتبا محترما، كما أن المستشفيات ووسائل المواصلات ودخول الحدائق والسينما والمسارح لهم بالمجان، وتتم تلك الإجراءات بمبدأ أن هؤلاء لابد من إكرامهم.
ودللت المرافقة التى كانت تعمل فى الإذاعة الصينية على وضعها وهى فى السبعين من عمرها، بأنها تسافر سنويا ثلاث مرات إلى الخارج على نفقتها الخاصة أى من الدخل الذى تتقاضاه من معاشها، فتستمتع بحياتها.
قصة أصحاب المعاشات فى أى دولة هى انعكاس لأوضاع سياسية واجتماعية، فالدولة التى تحترمهم وتقدرهم، وتؤسس نظرتها نحوهم بأن هؤلاء بنوا وتعبوا وأعطوا مما يستوجب توفير سبل الراحة لهم، هى دولة تحترم نفسها وترعى الجانب الأصيل فى حقوق الإنسان، ومما يرويه الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، أن القائد البريطانى الشهير مونتجمرى الذى هزم القائد الألمانى روميل فى الحرب العالمية الثانية، وأثناء سنوات تقاعده أنه انتظر شيك راتبه الشهرى بسبب إضراب موظفى البريد، فارتدى زى الجنرال العسكرى وذهب إلى المسؤول قائلا له: أيها الشاب أعطنى «شيك معاش»، فرد: ولكن يا سيدى نحن فى إضراب، فصاح: أيها الشاب إننى دفعت حياتى تقريبا لكى أستحق معاشى، جئنى به فورا.
لا أذكر قصة مونتجمرى أو ما رأيته فى الصين من باب التسلية، وإنما أذكرها كى نعرف كيف يتم التعامل مع أصحاب المعاشات فى مثل هذه الدول، فى الوقت الذى يتم التعامل معهم عندنا بإهمال شديد، وبطريقة أقرب إلى فهم بأن الباقى من عمرهم قليل فليقضوه بأى طريقة حتى تأتى لحظة نهايتهم.
ومن باب التذكير، فإنه باستعراض قائمة الأسعار للاحتياجات الرئيسية اليومية من مأكل ومشرب، سنتعجب من كيف يدبر كل صاحب معاش حياته اليومية، سنتعجب من أين تأتى قدرته المادية على شراء كيلو لحم يبلغ سعره 80 جنيها، وحتى لوكان بأربعين أو خمسين جنيها فى المجمعات؟ وإذا أراد لحوم الدجاج على أساس أنها أقل سعرا، سيفاجأ بسعرها المرتفع الحالى الذى وصل إلى 27 جنيها للكيلو جرام، ومع ارتفاع أسعار الأرز والخضروات ستكتمل الحلقة الجهنمية ضد الرغبة فى تناول وجبة طعام ليست مرفهة، وإنما فيها الحد الأدنى الطبيعى من مقومات الغذاء.
هكذا يواجه أصحاب المعاشات الذين يتقاضون نحو 1200 جنيه فى الشهر تحدى الاحتياج فى المأكل، وإذا ضممنا إلى ذلك احتياجاتهم فى الدواء ومتطلبات الحياة الأخرى ستكون النتيجة الطبيعية كارثية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة