ماجدة إبراهيم

نحن نتحدى البعبع

الإثنين، 13 يونيو 2016 09:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يختلف اثنان أن نظام التعليم فى مصر سيئ ومخزٍ، ورغم كل الوعود والمحاولات للتغيير والتعديل إلا أنها حتى الآن باءت بالفشل، وما زلنا نعانى من تابوهات لم تنكسر حتى هذا العام، والتابوه الأشهر هو بعبع الثانوية العامة.. فالبعض يطلق عليه المرعب، فهو الذى يحدد مستقبل أولادنا وأخواتنا.

وكما يقول المثل الشهير "الداخل مفقود والخارج مولود"، وكان دائما الفيصل فى النجاح واجتياز الصعب هذا الكم الهائل من الدروس الخصوصية والمراجعات النهائية، وأنت وشطارتك بقى، فهذا المدرس الجهبذ يستطيع أن يتوقع الأسئلة التى ستأتى فى الامتحان.. وكثير ما تفوق أستاذ على آخر فى التوقعات الفذة لامتحان الثانوية العامة، وكله بحسابه، فكما ترتفع أسعار الفنانين فى رمضان لتحقيقهم أعلى مشاهدة لمسلسلاتهم فكذلك المدرس الفلانى والمدرسة العلانية ترتفع أسعارهم تبعا لنجاحهم فى ضرب الودع وتوقع الأسئلة المحتملة، وهذا كله نتاج خبرة السنوات الطويلة فى مجال الدروس الخصوصية.. كل هذا وارد ومحتمل وجميل فالمتميزون يستحقون!.

وفى ظل الحرب التى تشنها من وقت لآخر وزارة التربية والتعليم ضد وباء الدروس الخصوصية، معتبرة أنها فيروس أو وباء ينبغى علاجه فورا، تطل علينا وتخرج لنا لسانها طامة أخرى، يصدمنا بها محترفو السوشيال ميديا خاصة المقيمين فى غرف فيس بوك وزخانيق التويتر وحوارى الشات.. وهى تسريب امتحانات الثانوية العامة بمنتهى البساطة والسهولة والقدرة على ترويج الخطأ أنه تحول لحق من الحقوق، وعلى لسان هؤلاء اللصوص والمجرمين وليه لأ؟؟

وكأننا اتخذنا الغش والسرقة والنصب والخداع والوصولية ذريعة لمواجهة سوء نظام التعليم فى مصر، فهل هذا يعقل؟ لم أسمع فى أى بلد من البلاد ولا فى أى شريعة من الشرائع أن نحل مشكلة بكارثة أو نواجه فشلا بأن نقتل من فشل .

ودعونا نستوعب ما يقوم به هؤلاء الخونة، والحقيقة لم أجد لفظا يعبر عما يفعله هؤلاء أقل من ذلك فهم يخونون ربهم
ويخونون بلادهم
ويخونون أهلهم
ويخونون أنفسهم
من أعطى لكم الحق أن تخربوا مستقبل أولاد سهروا الليالى أملا فى نجاح مشرف .. وتفوق لا مثيل له؟
من أعطى لكم الحق أن تحرقوا قلوب خيرة أبنائنا من المتفوقين والمتميزين طمعا فى مال بالٍ أو هدف مضلل مغرض حقير؟
من أعطى لكم الحق فى أن تفسدوا فرحة أهل بذلوا الغالى والرخيص وسهروا يشجعون أبنائهم على بذل المزيد من الجهد رافعين شعار لكل مجتهد نصيب؟
فهل نساوى بين من دفع لكى يسرق حق الشرفاء وبين الشرفاء الذين دفعوا من أوقاتهم وجهدهم الكثير والكثير؟
أليس هذا النظام التعليمى الفاشل الذى يتشدق به الجميع هو الذى خرج آلاف العلماء والمتفوقين وسافر فى ظله طلابنا المتفوقين ليمثلوا مصر فى بعثات خارجية فى مختلف التخصصات فى الطب والهندسة والصيدلة والسياسة والتجارة وغيرها؟

فالتفوق والتميز هو سلوك قبل أن يكون نتاج نظام تعليمى
أتخيل نفسى مكان هؤلاء الضحايا - وأقصد هنا المتفوقون - الذين فى انتظار أن يتصل بهم من يقول لهم..مبروك أنت من الأوائل .
وربما يجدوا زملاءهم الفشلة يلتحقون بنفس كليات القمة
أين الحق هنا؟
أين العدل هنا؟

قد يختلف معى البعض ويعتقد أن قضية تسريبات امتحان الثانوية العامة لا تستحق كل هذه الضجة أو الاهتمام، ولكن صدقونى لو وضعتم أنفسكم مكان الأولاد المتفوقين والبنات المتفوقات وأولياء أمورهم فليس بغريب أن تصابوا بنوبة قلبية أو صدمة عصبية.

فقد قال الله تعالى فى كتابه العزيز "هل يستوى الذين يعملون والذين لا يعملون" ، وقال تعالى: "ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات".. هذه الدرجات وهذه الاختلافات يحددها عمل الإنسان واجتهاده.. تخيل معى مدى الظلم الذى ستشعر به لو بذلت جهدا مميزا وتساوت النتائج مع من لم يبذل أى مجهود؟!

حاكموا هؤلاء الخونة الذين يدنسون أفكار وطن ما زال بعافية، فما زال لدينا زهور وليدة لديها آمال بكر تستحق أن نمد أيدينا لها لا أن نقتل الحلم داخلها قبل أن يرى النور ..
أنا مع أى إجراءات تتخذ من أجل إيقاف مهزلة تسريبات امتحانات الشهادات، سواء كانت الثانوية العامة أو الإعدادية أو أى شهادة أخرى.

فالحقيقة، أكثر ما استفزنى هذا الجهر المبتذل بالخطأ والمعصية، متناسين حديث رسولنا الكريم "من غشنا فليس منا".. فالغش هنا فى كل شىء فى أعمالنا وفى تجارتنا وفى وعودنا وفى كل ما نفعله..

سيظل الجُرم جُرما ما دام هناك إله فى السماء وثواب وعقاب..
ولن يتحول الخطأ إلى أمر عادى ولا فعل مسكوت عنه طالما ما زالت لدينا ضمائر حية صادقة .
حاسبوهم بقوة ولا تأخذكم بهم رأفة ولا رحمة، لأنهم لم يرحموا من سهر الليالى وبات يجد ويجتهد..
اللهم بلغت اللهم فأشهد





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة