أكرم القصاص

«ونوس».. وسوسة الشر الجميل

الأربعاء، 15 يونيو 2016 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى «ونوس»، يستدعى عبدالرحيم كمال أسطورة فاوست، صفقة الشيطان والإنسان، وهى أسطورة اخترعها الإنسان ليبرر لنفسه ارتكاب الشرور باعتباره أنه يخضع لإغواء الشيطان، بينما بعض البشر أشد شيطنة من الشيطان. تيمة فاوست شديدة الدقة والإثارة وعبدالرحيم كمال فى ونوس يطرح فكرة تم تقديمها على مدى سنوات بأكثر من شكل. لكن عبدالرحيم كمال يأخذها إلى منطقته المفضلة الإيمان وعلاقته بالطقوس والصراعات والنفس البشرية، والصراع الأزلى بين الخير والشر منذ قصة طرد الشيطان من الجنة، وهو يحاول إغواء الإنسان بالملذات والغرائز ليسرق عالمه وروحه، فى فاوست يهرب الإنسان من تنفيذ الصقفة لينتهى الشيطان بالهزيمة لكن يبقى الصراع قائما، النهاية بأن ينقذ الإنسان روحه، تناسب الجمهور لكن الشر مستمر ومنتصر. وفى انتظار كيف سيحل عبدالرحيم كمال العقدة فى ونوس.

فى فاوست بكل صورها كان الشر الشيطان يقدم فى صورة جميلة مغرية، وليست صورة الشيطان التقليدية بقرونه ومنظره المرعب «أرجل الماعز». عبدالرحيم كمال فى ونوس وقبله الخواجة عبدالقادر وشيخ العرب همام ينتقل بين أفكار تاريخية وفلسفية ووجودية ليقدمها فى قالب جذاب وقوى يحمل الفكرة فى باطنه ويعيد سلطة الكاتب. وهى مساحة صناعة الوعى الحقيقية التى تثبت الأيام قوتها، ومنذ السبعينيات أكد نجيب محفوظ أن التليفزيون هو أداة الوعى الأقوى والأكثر تأثيرا. وها هو عبدالرحيم كمال واحد من سلسال الرواة القادر على ملء المساحة الفارغة فى عالم الدراما.

عبدالرحيم كمال مثل أسامة أنور عكاشة يقدم فى أعماله أكثر من مستوى للفهم، المستوى المباشر الشيق الممتع للمشاهد والجاذب، والمستوى التالى هو تداخل الرسالة مع الحدث، ضمن رسالة وجودية وكيف يمكن للاعتقاد أن يعبر الطقوس إلى عمق النفس، وظل العقيدة واحدة حتى لو تعددت الأشكال والأنواع ومكانة العقيدة من الطقوس، وهو أمر يبدو فى ونوس بعد الخواجة عبدالقادر أيضا.

ونوس هو الشر الجميل والشيطان المتعدد الإمكانات، لكنه أيضا تعبير عن كل إغواءات البشر لأنفسهم وبعضهم، وهو أيضا شماعة تبرر للبشر ما يفعلونه من شرور، ونوس يدخل عالم عائلة انشراح، بعد سنوات من هروب ياقوت الأب الذى كان ثريا ورجل أعمال وقاتلا ولصا ومتعدد العلاقات. ولا تعرف إن كانت أفعاله وشروره ناتجة عن اتفاقه مع ونوس، أم أنه كانت لطبيعيته مثل كثيرين يفعلون هذا كله، القتل والسرقة والنهب. وهل كل من يفعلون هذا يحتاجون لصفقات مع الشيطان؟ أم أنهم يفعلون ذلك لكونه غريزة من غرائزهم. وهل يمكن لأحد أن يغير مصيره وقدره. وفى انتظار الحل الذى يقدمه عبدالرحيم كمال لصفقة الشيطان والإنسان.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة