هيلارى كلينتون تسقط فى موجات التطرف
فى عدة مقالات سابقة، أكدت على خطورة انتشار التطرّف المضاد فى أوربا وأمريكا، لأنه برغم أن زعماء التطرّف لم يصلوا إلى مقاعد الحكم حتى الآن، لكن التطرّف يتحول إلى وباء شديد الانتشار فى أكثر من محيط فى ذات الوقت الذى يوجد فيه، كما أن التطرّف يصنع موجات امتداد تشبه تلك الموجات التى تتشكل إذا ما ألقيت حجرا فى بحيرة، وكلما نمى التطرّف فى ناحية نمى التطرّف المضاد فى ناحية أخرى، وفى الوسط يتوه المعتدلون أو يتحولوا إلى متطرفين جدد، لأنهم يقعون تحت تأثير موجات التطرّف، وللأسف هذا ما حدث فى الانتخابات الرئاسية النمساوية، التى تعهد فيها الرئيس الحالى فى أول تصريح له بالعمل على كسب احترام مؤيدى خصمه اليمينى المتطرف، وهو أيضا ما حدث لهيلارى كلينتون.هيلارى كلينتون، مرشحة الانتخابات الأمريكية، التى يعتبرها البعض مرشحة «الاعتدال» فى مقابل المرشح المتطرف المخبول «ترامب»، خرجت عن وقارها الدبلوماسى المعهود، وأججت من لهجتها وهى تندد بحادث أورلاندو، الذى راح ضحيته ما يقرب من 50 قتيلا بيد المسلم الأمريكى أفغانى الأصل عمر متين، الذى فتح النار على نادٍ للمثليين جنسيا، فقتل 50 وأصاب مثلهم، وحينما علقت «كلينتون» على الحادث لم تكتف بإدانة التطرّف أو التعهد بمحاربة المتطرفين، لكنها وسعت دائرة الاتهام لتشمل دولا عربية تعد من الحلفاء التقليديين لأمريكا، فقالت فى خطاب فى كليفلاند بولاية أوهايو: «حان الوقت ليمنع السعوديون والقطريون والكويتيون وآخرون مواطنيهم من تمويل منظمات متطرفة، يجب أن يكفوا عن دعم مدارس ومساجد متطرفة دفعت بعدد كبير من الشبان على طريق التطرف فى العالم».
وبحسب موقع فرانس 24 فقد شرحت «كلينتون» خطتها لمكافحة التهديد الجهادى، ليس فقط فى الخارج بل أيضا داخل الحدود، وقالت: قد يكون إرهابى أورلاندو مات، لكن الجرثومة التى سممت روحه لا تزال حية»، و«التهديد ورم متنقل، ولذلك فإن كشف هويات الذئاب المنفردة واعتقالهم سيكونان أولوية كبيرة».
الأخطر من تلك التصريحات، التى تفتح فيها النار على دول عربية كبيرة، وتتبنى لهجة أكثر عدوانية أثناء حديثها عن الإسلام، هو إقرارها بالهزيمة أمام خصمها الانتخابى «ترامب»، الذى تشعل معه معركة جانبية حول توصيف الإرهاب، فترامب يقولها صريحة «الإرهاب الإسلامى»، بينما كلينتون تقول «الإرهاب الجهادى»، وذلك لحرصها على عدم إلصاق الإرهاب بالإسلام، لكنها فى مداخلة تليفونية حديثة قالت: «الجهادية المتشددة أو الإسلامية المتشددة، بالنسبة إلىَّ الأمر سيان، أيا كانت التسمية فهى ليست المشكلة».
هكذا سقطت كلينتون فى موجات التطرّف، وأصبحت لا ترى غضاضة فى مصطلحات الخصم، واصفة التشدد بأفظع الألفاظ، مورطة دولا حليفة فى اتهامات خطيرة، لكن ما نسيته كلينتون هو أن الإرهاب والتطرف حقا جرثومة، لكن إعلان الحرب لن يقتل تلك الجرثومة، لكنه سيمنحها شرعية بقاء واستمرار، والحل الوحيد اليوم هو ذات الحل الذى ذكرته أمس، مضافا إليه مساعدة الدول التى تحارب الإرهاب كل يوم- مثل مصر- بدلا من محاربتها.