مفتى الجمهورية يوضح الحكم الشرعى لاختلاط الشباب والفتيات فى الحدائق العامة

الجمعة، 17 يونيو 2016 05:08 ص
مفتى الجمهورية يوضح الحكم الشرعى لاختلاط الشباب والفتيات فى الحدائق العامة الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تلقى الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، سؤالاً نصه: ما الحكم الشرعى حول اختلاط الشباب بالفتيات فى الحدائق العامة وارتكابهم لبعض الأفعال التى تخدش الحياء، فماذا يفعل الإنسان تجاه هذه الصور، خاصة أن الشريعة الإسلامية تؤكد أن من رأى منكرًا فليغيره؟.

وجاء جواب مفتى الجمهورية: إن الصورة التى يصورها السائل فى سؤاله لا يرضاها الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وهى مما يسبب نزول الغضب من الله تعالى على فاعليها وعلى الساكتين على ذلك بغير نكر وهم يستطيعون الإنكار الشرعى، وعلى المساعدين على هذا، قال تعالى: "وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةٗ لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ"، وقال تعالى: "وَإِذۡ قَالَتۡ أُمَّةٞ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗاۖ قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ ١٦٤ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦٓ أَنجَيۡنَا ٱلَّذِينَ يَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلسُّوٓءِ وَأَخَذۡنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابِۢ بَٔيسِۢ بِمَا كَانُواْ يَفۡسُقُونَ".

وتابع: فضرر هذه المعاصى إنما يقع على الجميع ما لم ينكروا المنكر ويحاولوا إزالته بالطرق الشرعية، ولخطورة هذا الأمر يمثله النبى صلى الله عليه وسلم بمن يتسبب بمعاصيه هذه فى إفساد المجتمع كله وأن الساكتين على ذلك إنما هم مشاركون له فى هذا الإثم الكبير، وكما ورد فى الحديث عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْمُدْهِنِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فِى الْبَحْرِ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فى أَسْفَلِهَا يَصْعَدُونَ فَيَسْتَقُونَ الْمَاءَ فَيَصُبُّونَ عَلَى الَّذِينَ فِى أَعْلاهَا فَقَالَ الَّذِينَ فى أَعْلاهَا لا نَدَعُكُمْ تَصْعَدُونَ فَتُؤْذُونَنَا فَقَالَ الَّذِينَ فى أَسْفَلِهَا فَإِنَّا نَنْقُبُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا فَنَسْتَقِى فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ فَمَنَعُوهُمْ نَجَوْا جَمِيعًا وَإِنْ تَرَكُوهُمْ غَرِقُوا جَمِيعًا" رواه البخارى.

وأضاف القائم فى حدود الله معناه: المنكر لها القائم فى دفعها وإزالتها، والمراد بالحدود: ما نهى الله تعالى عنه.

ولخطر وأهمية التناصح والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والفساد المترتب على إهمالهما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بَنِى إِسْرَائِيلَ لَمَّا وَقَعَ فِيهِمُ النَّقْصُ كَانَ الرَّجُلُ يَرَى أَخَاهُ عَلَى الذَّنْبِ فَيَنْهَاهُ عَنْهُ فَإِذَا كَانَ الْغَدُ لَمْ يَمْنَعْهُ مَا رَأَى مِنْهُ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَخَلِيطَهُ فَضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَنَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ فَقَالَ: {لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَ} حَتَّى بَلَغَ {وَلَوۡ كَانُواْ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلنَّبِى وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مَا ٱتَّخَذُوهُمۡ أَوۡلِيَآءَ وَلَٰكِنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ}، قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مُتَّكِئًا فَجَلَسَ وَقَالَ: لَا حَتَّى تَأْخُذُوا عَلَى يدى الظَّالِمِ فَتَأْطِرُوهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا".

وتابع: ومثل هذه السلوكيات المحرمة شرعًا فيها خيانة لله تعالى ولرسوله ولأولياء هذه النساء والبنات وقد قال الله تعالى: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓاْ أَمَٰنَٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ".

وفيها أيضًا استجابة للشيطان الذى حذرنا الله تعالى من تتبع خطواته، حيث قال عز من قائل: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ وَمَن يَتَّبِعۡ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَإِنَّهُۥ يَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۚ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ أَبَدٗا وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّى مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم"، وهو الذى أمرنا الله تعالى بأن نجعله عدوًّا لنا؛ لأنه هو فى الحقيقة كذلك: "إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ" "فاطر:6"، وهو مدخل مباشر لفاحشة الزنا: "وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا" "الإسراء: 32".

وفى الحديث الشريف قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النبى- صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْـمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِى، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَيُكَذِّبُهُ".

ولهذه السلوكيات ضرر ماحق على المجتمع، فهو يفكك الأسر، وينشر الرذيلة فى المجتمع، ويفسد الروابط العائلية، ويفسد على الناس أعراضهم وأخلاقهم، وهو بيئة خصبة لانحرافات أخرى جانبية، كالسرقة وشرب المخدرات والزنا والدعارة وغير ذلك مما هو مشاهد ومعروف، لكن معالجة هذه الظواهر تحتاج من المنكر عليها إلى علم ورحمة وحكمة، فلا بد أن تكون فى قلبه شفقة على هؤلاء الذين غرر بهم الشيطان، وينكر عليهم كما ينكر الأب المشفق والأم الحنون على ولدها وهو يتقطع عليه ويخشى عليه من الضياع، بلا تكبر عليهم ولا ترفع؛ فالله تعالى يقول لنبيه {لَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ}[الشعراء: 3] أى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كاد يموت وتزهق روحه الشريفة حزنًا وألمًا وشفقة على قومه الذين انحرفوا عن طريق الله تعالى، ولا بد للمنكر على هذه الظواهر أن يكون إنكاره برفق مع شدته فى الحق؛ لأن الله تعالى يقول: {ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِى هِى أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ} [النحل: 125.]

وكما فى الحديث الذى رواه مسلم وأبو داوود وأحمد عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِى -صلى الله عليه وسلم- عَنِ النبى -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فى شيء إِلَّا زَانَهُ وَلا يُنْزَعُ مِنْ شيء إِلا شَانَهُ".

ولا بد للمنكر أن يدل من وقع فى هذه المنكرات إلى السبل المشروعة لتفريغ هذه الطاقات الإنسانية الطبيعية؛ ليكون كالطبيب مع مرضاه، فيكون أمره بالمعروف بمعروف، ويكون نهيه عن المنكر ليس منكرًا.

وعلى المنكر على هذه الانحرافات أن يتدرج فى الإنكار، ولا يلجأ للمرحلة التالية من مراحل الإنكار إلا إذا انتهى من المرحلة التى قبلها، فلا يبحث عن إيذاء الناس وعقوبتهم بالقانون والشرطة قبل أن يعظهم بالحسنى ويحذرهم من عين الله تعالى التى تراهم قبل أن يراهم الناس، بل وترى ما فى نفوسهم.

وفى الجملة على المنكر على هذه الانحرافات ألا يقع بسبب إنكاره هذا فى منكر آخر مساوٍ أو أشد مما يريد إنكاره، بل يدخل فى هذا الأمر وهو يخلص النية وينوى إزالة المنكر أو تقليله.

ودار الإفتاء إذ تهيب بالمسلمين الالتزام بحدود الله تعالى ومراقبته تبارك وتعالى فى أنفسهم وفى دين الله تعالى وفى أعراض المسلمين وفى سلامة البلاد والعباد لترجو أن تقوم السلطات المعنية بمراقبة هذه السلوكيات المرفوضة، ومنع وجود الأجواء التى تسمح بنموها وانتشارها، والأخذ على يد من يريدون إشاعة الفاحشة فى المؤمنين {إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِى ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} "النور: 19".

وعلى كل مسئول فى مجاله المساعدة فى القضاء على هذه الظواهر، المدرس فى المدرسة، الإعلامى فى جهاز الإعلام، والأئمة والوعاظ فى منابرهم، والآباء والأمهات فى بيوتهم، ففى الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضى الله عنهما- «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه،ِ وَالرَّجُلُ فى أَهْلِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فى بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْى مَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فى مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» رواه الشيخان وغيرهما.





موضوعات متعلقة..


- مفتى الجمهورية: يجوز للنساء حضور الدروس الدينية فى المساجد بشروط










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة