نظريات المشمئنطين ومن لايعجبهم العجب
بمناسبة الدراما والأفلام والكاركترات، بعضنا يتذكر الفنانة الراحلة الكبيرة إحسان شريف، يعرفها رواد سينما الأبيض وأسود، لأنها كانت أكثر فنانة مثلت دور عواجيز الفرح، «الحما أو القريبة التى لا يعجبها العجب» وتنتقد، وتعوج فمها يمينا ويسارا، وتمصمص شفتيها فى اشمئناط دائم، وقرف مستمر من أهل العريس أو العروس، تلومهم وتبكتهم وتنغص عليهم حياتهم.
وغالبا ما تتسبب بالاشمئناط الدائم فى فركشة أى جوازة.
كانت هى الممثل الفنى للنكد والادعاء، والفنانة إحسان شريف قامت بدور خالة جلال أو يوسف شعبان فى فيلم «أم العروسة»، وأيضا زوجة يوسف وهبى فى فيلم «إشاعة حب»، بنت سلطح باشا.
طبعا كانت الفنانة تجيد دور النكد مع الادعاء. وكانت تؤدى دورها باتقان. ونتذكرها فى زمن التواصل والتنابذ والاشمئناط السوشيالى، هناك كثيرون على شبكات التواصل من فيس بوك وتويتر يلعبون دور إحسان شريف، لا يعجبهم العجب، طوال الوقت مشمئنطون ومتضايقون ناقمون ينصبون المحاكم وينشرون الاكتئاب متصورين أنهم كلما كانوا أكثر نكدا وكآبة كلما كانوا أكثر عمقا وثورية.
ويمكن بسهولة توقع أراء هؤلاء فى أى شىء، وقد انتشروا فى زمن توالد الخبراء الاستراتيجيين والنشطاء المزايدين.
سيخرج واحد ليقول إن كل واحد حر فى نفسه، طبعا هذا حقيقى لكن السادة المشمئنطين لايتحدثون عن أنفسهم ولكنهم يبدون آراءً عامة ويينشرون اكتئابهم أينما حلوا. وإذا كانت الفنانة إحسان شريف تؤدى دورا فى فيلم وتفعل ذلك بإخلاص، فإن صناع الضجيج وناشرى الاكتئاب لا يرضون بما هو قائم ولا بما يأتى، ولن تجد لديهم سوى كميات من الطاقات السلبية التى لا تؤدى لتغيير ولا تمنح من يتابعهم أى نفحة أمل، وهم مجرد ثرثرة ينقلون ما يزدحم به الفضاء وينتقون الأكثر كآبة، وبعضهم مثلا سيصدع رأس الناس بادعاء الحديث عن الفساد بينما هو نفسه كتلة فساد، ومنهم من يعاير الشعب على اعتبار أنه الناطق باسم الناس لتبكيتهم ولومهم وتعقيدهم بكل اكتئاب فإن لم يسمع لهم فهو شعب لا يستحقهم وفيه العبر.
يمتلك ورثة «إحسان شريف» من أولاد سلطح باشا السوشيالاتى كميات من العنف اللفظى والادعاء، يقضون كل أوقاتهم فى توجيه الشتائم والانتقادات ونشر الاكتئاب، والنميمة، وفى السياسة يجيدون اللطم والبكائيات من دون القدرة على تقديم أية أفكار باستثناء صناعة اليأس وتغييب أى محاولة للتغيير.
ولو كان هؤلاء يتحدثون بشكل شخصى نيابة عن أنفسهم ما وجه لهم أحد لوما، لكنهم يتحدثون باسم الناس ويستعملون كلمة الشعب كثيرا، ثم أنهم كثيرا ما يلومون الشعب ويعاتبونه ويقللون من قيمته لأنه لا يسمع كلامهم ولا يعول كثيرا على أفكارهم ونظرياتهم الكئيبة، الناشئة من عالم أولاد سلطح باشا.