بدعوة كريمة من الدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، ذهبت يوم السبت الماضى لحضور الاحتفال الكبير الذى أقامته الوزارة تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وفى وجود المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، وعدد من الوزراء، بمناسبة مرور عام على إطلاق البرنامج الاجتماعى الضخم الذى اختارت له الوزارة اسم «تكافل وكرامة» للأسر الأكثر فقرا فى مصر.
البرنامج هو إحدى الخطوات المهمة والجادة للدولة لإعادة إصلاح نظم الحماية الاجتماعية التى أصابها الخلل والعطب طوال السنوات الماضية، وإعادة توجيه الانحياز الاجتماعى للدولة إلى مساره الصحيح مرة أخرى فى اتجاه رعاية الطبقات الأكثر فقرا فى مصر، ولا نريد التذكير بمعدلات الفقر التى وصلت إلى حدود خطيرة، أكثر من %40 من المصريين يعيشون تحت خط الفقر، وأدت السياسات العشوائية والانحيازات الخاطئة للنظام الحاكم طوال 40 عاما تجاه رأسمالية الفوضى وتجاهل الغالبية العظمى من الشعب، وغياب سياسات العدالة الاجتماعية، واحتكار أفراد وعائلات محدودة للثروة والسلطة فى مصر، والقضاء على الطبقة الوسطى وإفقارها، وزيادة نسب الفقراء التى ترتب عليها انتشار ظاهرة العشوائيات والقرى الفقيرة.
ومع تولى الرئيس السيسى مقاليد الحكم بدا أن هناك اهتمامًا بضرورة إعادة النظر فى قوانين وتشريعات الحماية والضمان الاجتماعى وتطويرها كإحدى الإجراءات الضرورية لمكافحة الفقر فى مصر، فأصدر الرئيس قرارا فى العام الماضى بتعديل قانون الضمان الاجتماعى ليتضمن استحداث برامج جديدة تستهدف فئات مؤهلة للحصول على الحماية الاجتماعية، وصدر قرار رئاسة الوزراء بوضع برنامج التحويلات النقدية المشروطة الجديد باسم «تكافل وكرامة»، وحسب معلوماتى فإن الرئيس رفض أن يحمل البرنامج الجديد اسمه، فالبعض اقترح أن يكون البرنامج باسم «معاش السيسى» مثل «معاش السادات»، لكن الرئيس فضل أن يحمل اسم «تكافل وكرامة المصريين».
بالتأكيد كانت هناك صعوبة فى عمليات الحصر للأسر الفقيرة، فنحن فى مصر نعانى غياب قاعدة شاملة للبيانات، وهذا بالطبع مسؤولية وزارة التخطيط، لذلك لجأت الوزارة إلى الاستعانة بأكثر من 4 آلاف باحث لجمع بيانات ومعلومات المتسحقين الذين تنطبق عليهم الشروط.
وزارة التضامن الاجتماعى نجحت بالفعل على مدى العام الماضى فى جمع بيانات وتسجيل أكثر من مليون أسرة تضم 4 ملايين و273 ألف شخص تقريبا فى حوالى 1046 قرية فى 10 محافظات، وهو مجهود ضخم لإعداد قاعدة بيانات صحيحة تستفيد منها، ليست الوزارة وحدها وإنما باقى جهات الدولة، وتم إجراء اختبارات الأهلية والصرف لنحو 500 ألف أسرة معيشية تخطت الـ2 مليون فرد، وبنسبة نجاح تجاوزت %100 فى المرحلة الأولى.
البرنامج يستهدف فى السنوات الثلاث المقبلة الـ%20 الأكثر فقرًا فى مصر، أى حوالى مليون ونصف مليون أسرة تشمل حوالى 7.5 مليون مواطن، بالإضافة إلى المستفيدين الحاليين من معاش الضمان والمساعدات المالية الأخرى الذين وصلوا إلى 2.6 مليون مواطن.
المهم فى رأيى أن تتم مراجعة وتقييم هذه النوعية من برامج الحماية الاجتماعية كل فترة، وبما يواكب تطورات وظروف الحياة المعيشية، والمهم أيضا أن نستفيد من تجارب وخبرات الدول الشبيهة مثل البرازيل والمكسيك وتشيلى.
والأكثر أهمية أيضا، كما قال أحد الضيوف من أمريكا اللاتينية، أن يكون برنامج «تكافل وكرامة» فى إطار سياسة اجتماعية عامة للدولة، وبالتنسيق والتكامل مع باقى سياسات الحماية الاجتماعية.
البرنامج خطوة جادة مهمة لترسيخ مبدأ العدالة الاجتماعية، وعلينا أن نفكر، كيف نطور البرنامج ليتحول المستفيدون منه إلى طاقة إنتاجية وليسوا متلقى المساعدات المالية فقط.