أغمضت عيناى قليلا وتخيلت أن مرسى وجماعته ما زالوا يحكمون مصر، وأن الشاطر والبلتاجى والعريان وصفوت حجازى وأبوبركة وغيرهم، هم سادة برامج التوك شو، يصولون ويجولون ويضغطون على أجهزتنا العصبية حتى الانفجار، وتخيلت كم مذيعا شهيرا أطلق لحيته، وكم مذيعة لجأت إلى الحجاب والنقاب، وتخيلت البؤس المقيم عندما يتحفنا «المعزول» بخطاباته الهيستيرية، مهددا ومتوعدا متآمرى «الزنقة زنقة»، وعصابات «الخمسة ستة اتتين تلاتة أربعة».
تخيلت أشياء كثيرة أفزعتى ككابوس مزعج.. القرضاوى يعتلى منبر الأزهر كل ليلة فى رمضان، وأمامه الملتحون مفتولو العضلات، نفس المنبر الذى وقف عليه عبدالناصر فى حرب السويس سنة 56 يصرخ: «لن نسلم أبداً، بنبنى بلدنا.. بنبنى تاريخنا.. بنبنى مستقبلنا»، يعتليه شيطان الإخوان القطرى، محرضا شباب الإخوان وأنصارهم على النزول فى الميادين والشوارع ضد النظام الحالى، وإحداث حالة من الفوضى والعنف وترويع المواطنين.
وتخيلت المحكمة الدستورية العليا، وعلى منبرها ملتحون بالجلباب والعباية، يدهسون الدستور بأقدامهم ويوظفون الشريعة لصالحهم.. والنائب العام الملاكى يستكمل مذبحته ضد رجال النيابة الشرفاء.. وتنفيذ أكبر مجزرة فى تاريخ القضاء، بتسريح ثلث القضاة واستبدالهم بمحامين إخوان.. ووزير العدل الإخوانى يهوى بمطرقة الأخونة، ويفتش فى سجلات التنظيم بحثا عن الكوادر الإخوانية لتنصيبهم فوق منصات المحاكم.. وفى الواجهة أراجوز يجلس على كرسى الرئيس، وتحركه أصابع المرشد والشاطر فى المقطم، فيصدر فرمانات جائرة فوق الدستور والقانون.
وتخيلت أن السيدة المسيحية التى تم تجريدها من ملابسها فى المنيا مؤخرا، كانت فى فترة حكم مرسى والإخوان، والمتطرفون يستكملون تجريسها فى حوارى القرية، ويقيمون عليها الحد رجما حتى الموت، وهم يصيحون وينتشون، ثم يستكملون عملية تطهير القرية من النصارى وتهجيرهم فى بلاد الله، بعد نهب ممتلكاتهم وحرق منازلهم، ففى عام واحد حكموا فيه البلاد، تعرض الأقباط وكنائسهم وممتلكاتهم، لاعتداءات لم تشهدها البلاد فى تاريخها، والأخطر من العدوان تواطؤ دولة الإخوان.
وتخيلت مدينة الإنتاج الإعلامى، بعد الإطاحة بالمذيعين العلمانيين والمذيعات العلمانيات، ويحل محلهم مذيعون تكره الكاميرات صورتهم وأصواتهم، على غرار أبو إسلام، وأبو الأعلى وأبو حذيقة وخالد عبدااله، وأم الصابرين، وأم أيمن، وأم القيروان، وتحولت الشاشات إلى لحى ونقاب، واعتلى البلتاجى مقعد رئيس مدينة الإنتاج الإعلامى، واستكمل صلاح عبدالمقصود أخونة ماسبيرو، وفرض الحجاب والنقاب على المذيعات، وأصبحنا لا نختلف عن تليفزيون طلبان وإيران، وهرول المنافقون والمتحولون إليهم قبل أن يفوتهم القطار.
وتخيلت احتفالات 6 أكتوبر هذا العام، ومرسى لن يكتفى بركوب سيارة السادات، ويطوف بها بين جنبات الاستاد، بل يرتدى البدلة العسكرية للقائد الأعلى، مزدانة بالنياشين، وتحت إبطه عصا المارشالية، زاعما أنه قائد النصر، وأن جماعته هى التى عبرت قناة السويس، واقتحمت خط بارليف وسدت خزانات النابالم، ويوزع الأوسمة على قتلة السادات، وشباب الإخوان يهتفون فى المدرجات «حرية وعدالة، مرسى وراه رجاله».
وتخيلت أن محمد فؤاد وآمال ماهر وهانى شاكر، مازالوا يبكون أمام المشير عبدالفتاح السيسى فى حفل جامعة المستقبل، ويقولون له «خلى بالك من مصر يا فندم، «ويرد عليهم» الجيش المصرى هيفضل لمصر، وهيفضل وطنى وشريف وصلب أمام أى شىء عايز يمسه، وصلابته ده جايه من شرفه، وأنا مش عايز حد فيكم أو فى مصر كلها، يقلق على مصر».
بالفعل لا قلق على مصر، لأن رئيس مصر وجيشها هم الذين استردوها من الضياع والفناء وأعادوها للحياة، وأنقذوها من طيور الظلام الذين أطبقوا على رقبتها، وكادوا أن يخنقوها، وهذا هو الإنجاز الأهم لرئيس مصر، بمناسبة مرور عامين على توليه الحكم.