ماذا سيحدث لو حجبنا مواقع التواصل خلال الامتحانات؟
لا أدرى كيف فعلها المسؤولون الجزائريون، لكنهم فعلوها والسلام، واستطاعوا حجب مواقع التواصل الاجتماعى، خاصة فيس بوك وتويتر، خلال امتحانات البكالوريا بعد انتشار فيروس التسريبات وصفحات الغش، مما اضطرهم إلى إعادة الامتحانات التى تم تسريبها، ثم قرروا مواجهة الأزمة من جذورها وحجب مواقع التواصل وقطع الإنترنت ولم يبالوا بالاعتراضات المجتمعية على هذه الخطوة.
التجربة الجزائرية الناجحة، إذن ،يمكن أن تلهمنا الحل لمواجهة وباء الغش والتسريب الذى يفسد امتحانات الثانوية العامة ويستخدمه البعض كنوع من النضال المزيف ضد الدولة المصرية ومؤسساتها، فماذا لو تحملنا حجب مواقع التواصل الاجتماعى خلال شهر امتحانات الثانوية العامة؟ لا أعتقد أن غياب البوستات والتغريدات للمائة مشهور ومشهورة فى مصر سيعرقل مسيرة التنمية، ولا أعتقد أن أصحاب الصفحات والحسابات سيعانون من الاكتئاب المزمن، وسنجرب جميعا فكرة التضحية الرمزية من أجل المصلحة العامة.
سيخرج عدد من حركة «خالف تعرف» وجماعات محترفى الاعتراض ومدمنى الوقوف على سلالم نقابة الصحفيين، ليعتبروا أن حجب مواقع التواصل خلال امتحانات الثانوية نوع من القمع وتسلط الحكومة على الناس، وسيرفعون لافتات تطالب باستقالة الحكومة القمعية، وستظهر الوجوه إياها على الـ«بى بى سى» لتنظّر وتحلل طبيعة الإجراء وتصفه بأن ظاهره مواجهة الغش وباطنه إغلاق المجال السياسى أمام النخبة والنشطاء السياسيين فى المجتمع، كما سيطالب التحالف إياه والحزب الكرتونى المعروف فى بيانات ساخنة بعقد مؤتمر شعبى جارف لمواجهة حجب مواقع التواصل والاعتصام فى مقر التحالف بالبيجامات والتصوير بساندوتشات الفول والجرائد. إجمالا ستستمر الاعتراضات يومين تلاتة ولن يبالى بها أحد، لأن الأغلبية تتفهم أن مواجهة الغش فى الثانوية العامة مقدمة على التسالى والشات ونشر الصور وكتابة البوستات والتغريدات الفاضية، بل إن انتهاء الحجب بانتهاء امتحانات الثانوية سيمنح الكثيرين من مدمنى مواقع التواصل فرصة لمراجعة أنفسهم والامتناع الاختيارى عن إضاعة الوقت فى الواقع الافتراضى الذى دمر العلاقات الاجتماعية والتواصل الحقيقى بين الناس.
إذن ما الذى يمنع تطبيق التجربة الجزائرية فى مصر؟
وزير التعليم الهلالى الشربينى قال فى لقاء مع أعضاء لجنة التعليم بالبرلمان، إن الوزارة اتخذت إجراءات قبل الامتحانات لمكافحة الغش الإلكترونى، منها التنسيق مع وزارة الداخلية، والإبلاغ عن 26 موقعا إلكترونيا تقوم بتسهيل الغش، مع تزويد المراقبين بالعصى الإلكترونية فى التفتيش وشرح شكل الأجهزة المستخدمة فى تداول الإجابات. وكشف «الشربينى» أن الوزارة طلبت إيقاف موقع «فيس بوك» ساعة قبل وبعد الامتحان، وكذلك التشويش على اللجان، ولكن اتضح أن هذا التصرف مخالف للقانون، فيما يكلف التشويش داخل الفصول 150 مليون جنيه، مقابل تأمين بنسبة 40 لـ%50. وقال الوزير إنه مادام لن يمكن التشويش على اللجان، فيجب أن يكون هناك تشريع للتشويش على المدرسة فقط، قبل الامتحان بساعة.
يعنى وزير التعليم كان يرجو نواب البرلمان أن يجدوا حلا قانونيا لمواجهة الغش والتسريب حتى يمكن حجب مواقع التواصل لفترة وجيزة، فلماذا لا يشرع مجلس النواب قانونا يبيح منع مواقع التواصل أثناء الامتحانات استنادا إلى قاعدة «منع الضرر مقدم على جلب المنفعة»؟ أى كلام آخر سيشبه تكبيل يدى شخص وإلقائه فى البحر ومطالبته كذلك بالفوز فى سباق للسباحة.. الحل يا جماعة الخير فى التجربة الجزائرية لمواجهة الغش، طبقوها كما هى، أو اقبلوا بالغش الذى يفسد كل شىء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة