الحياة على هامش مكافأة نهاية الخدمة.. موظف بالبترول: معاشى ألف جنيه ورهنت شقتى وهنعيش فى المقابر.. "عاشور" ينفق نصف راتبه على علاجه وزوجته اضطرت لبيع الخضار.. و"المعاشات" تطالب بزيادة العلاوة السنوية

الخميس، 23 يونيو 2016 08:12 م
الحياة على هامش مكافأة نهاية الخدمة.. موظف بالبترول: معاشى ألف جنيه ورهنت شقتى وهنعيش فى المقابر.. "عاشور" ينفق نصف راتبه على علاجه وزوجته اضطرت لبيع الخضار.. و"المعاشات" تطالب بزيادة العلاوة السنوية أصحاب المعاشات
كتب منى ضياء - أحمد جمال الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم تشفع لهم سنوات العمل الطويلة فى ضمان حياة كريمة لهم بعد انتهاء مدة عملهم وخروجهم على المعاش، وحصولهم على مبالغ قليلة لا تكفى لتغطية نفقات المعيشة أو حاجتهم من العلاج بعد تدهور صحة أغلبهم بسبب عوامل السن.

يبذل الموظف كامل جهده وطاقته أثناء فترة عمله حتى بلوغه سن الستين، انتظارا للراحة بعد سن المعاش، ولكن الوضع مختلف فى مصر حيث يصبح المسن أكثر معاناة بعد بلوغه الستين وحدوث فجوة هائلة بين ما كان يتقاضاه كراتب فى فترة عمله، والمعاش الضئيل الذى يحصل عليه ولا يكفى حتى مصاريف العلاج.

هذه المعاناة التى تمس الآلاف بل الملايين من أصحاب المعاشات، لم يكن مختلفا عنها المهندس سيد بسيونى الذى ترأس عدد من شركات البترول العامة، ليفاجأ بعد بلوغه الستين أن معاشه ألف جنيه فقط، ولا يكاد يكفى شراء الأدوية التى يرفض التأمين الصحى لمعاشات البترول صرفها لعدم تواجدها.

بسيونى كان أول حفار مصرى على أجهزة الحفر الروسية بخليج السويس، وتولى العديد من المناصب بمجال البترول نظرا لمجهوداته، عانى كثيرا فى العمل وتعرض لحوادث كثيرة كانت تودى به إلى الموت أثناء العمل، كل هذا لم يشفع له عند بلوغه الشيخوخة ليعيش حياة كريمة.

وطالب بسيونى الذى أصبح الآن نقيب معاشات البترول فى لقائه باليوم السابع، بحق كافة أصحاب معاشات البترول فى الحصول على المعاش التكميلى الذى يكفل لهم حياة كريمة، حيث صدر قرار وزير البترول الأسبق سامح فهمى بصرف معاش تكميلى لمن تقاعدوا من القطاع اعتبار من عام 2005، أما من تقاعدوا قبل هذا التاريخ لا يحصلون على المعاش التكميلى، وهو ما يعانى منه آلاف من معاشات البترول الذين خرجوا قبل هذا التاريخ.

ومن الطبيعى أن يعانى من هم فى مثل هذا السن من أمراض الشيخوخة التى تستلزم علاجا وفحوصات طبية وأدوية، ورغم وجود مركز طبى تابع لصندوق الخدمات الاجتماعية بالهيئة العامة للبترول متخصص فى علاج معاشات البترول، إلا أن أصحاب المعاشات يعانون من سوء الخدمة وعدم إجراء الفحوصات ورفض مدير عيادة الدواء صرف كافة الأدوية.

وقال بسيونى: إن المركز الطبى المتخصص فى علاج المعاشات يتواجد فى مدينة نصر، وهو مركز صغير لا تزيد مساحته عن 400 متر، وليس به كل التخصصات، كما أن صندوق العلاج قرر عمل قومسيون طبى للكشف على المرضى من المشتركين، وهو القرار الذى وصفه بالظالم والبائس، لأنه لا ينتج عنه عمل أى فحوصات طبية أو صرف الأدوية الصحيحة، وهدفه الوحيد ترشيد نفقات المركز الطبى.

وطالب بسيونى مركز طبى عالمى للعاملين بالبترول وأصحاب المعاشات، على غرار المركز الطبى العالمى للقوات المسلحة أو مركز المقاولين العرب، يستوعب الآلاف من العاملين والمعاشات وحتى المواطنين العاديين ممن يرغبون فى مستوى علاج متميز.

ولا تقتصر معاشات البترول على الكشف الطبى بل تتخطى لمعاناة الحصول على الأدوية، حيث توجد عيادة صرف الدواء بمكان آخر فى إحدى الشقق بصلاح سالم، فأغلب الأودية يتم تأجيل صرفها أو تكون غير موجودة بالأساس أو صرف بدائل أقل فعالية فى العلاج.

وأكد بسيونى أنه يضطر لشراء أدوية له ولزوجته شهريا بآلاف الجنيهات لعدم صرفها من العيادة، رغم أنه معاشه البسيط ألف جنيه فقط، وهو ما اضطره لرهن شقته التمليك للبنك العقارى، وأصبح من حق البنك الآن الحجز على الشقة وبيعها للوفاء بمديونياته، لأنه يرفض الحصول على أموال من أبنائه لعلاجه أو علاج زوجته، مشيرا إلى أنه يملك مقبرة بالطريق الصحراوى قام بتجهيزها ببناء حجرتين وحمام تمهيدا للانتقال إليها حال بيع البنك لشقته.

أقصى آمال أول حفار بترول مصرى لا تتعدى معاش يكفل له كرامته فى كبره، وعلاج لأمراض الشيخوخة التى سيطرت على جسده.

بعد 30 عاما قضاها الحاج حسن عاشور، فى تأدية عمله فى إحدى شركات القطاع العام، أجبرته إدارة الشركة على الخروج المبكر على المعاش كباقى أقرانه، لينتهى به الحال إلى الإصابة بأمراض متعددة يضطر أن ينفق عليها اكثر من نصف معاشه الشهرى الذى لا يتعدى مبلغ 900 جنيه، الأمر الذى يضطر زوجته إلى أن تبيع الخضراوات فى سوق "بهتيم" التابع لحى شبرا الخيمة لمساعدة الأسرة على تدبير أمور الحياة اليومية.

الرجل الستينى العمر هو أب لولدين وثلاثة بنات تعانى الصغرى منهم من متاعب صحية تتطلب حصولها على علاج بأكثر من 300 جنيه، لم يستطع عاشور أن يستفيد بمعاشه الذى حصل عليه فى نهاية الخدمة وهو 35 ألف جنيه، حيث قام بسداد أحد القروض البنكية التى تحصل عليها من قبل لبناء شقة لابنه الأكبر أثناء زواجه.

يقول الأب "إحنا عايشين بالعافية وربنا بس اللى حاسس بينا كنت فاكر إن الأمور هاتتعدل بعد سنوات الشقا بس العملية صعبة وحالنا فى تدهور مستمر ومش عارفين نعمل إيه".

الحاج أحمد عبد الله 58 عاما كان أحد العاملين السابقين فى شركات القطاع العام الذين خرجوا على المعاش المبكر بعد خصخصة الشركة فى فترة التسعينات وتحديدا فى 1998، وقتها حصل على 20 ألف جنيه مكافأة نهاية الخدمة، إنفاقها بالكامل فى غضون عامين بسبب ضعف المعاش الشهرى الذى لم يتعد الـ63 جنيها والآن وصل إلى 950 جنيها ينفق نصفهم على الإيجار وفواتير الكهرباء والمياه.

يقول عبد الله "بعد خروجى على المعاش مباشرة لم أستطع استثمار المكافأة فى أى مشروع يساعدنى على المعيشة لأن المعاش الشهرى كان قليلا للغاية وهو ما جعلنى أعدل عن فكرة المشروع واضطر إلى الاعتماد على المكافأة وإنفاقها بالكامل من أجل الإنفاق على أولادى الثلاثة وتعليمهم". مضيفا "رغم زيادة المعاش حاليا إلا أنه لا يكفى النفقات فى ظل عدم حصول أولادى على وظائف بعد انتهاء تعليمهم الجامعى فضلا عن مرض زوجتى بالقلب وحاجتها إلى إجراء جراحة عاجلة لتركيب دعامة فى عضلة القلب"، مؤكدا أن الزيادة التى تم الإعلان عنها لأصحاب المعاشات والبالغة 10% لن تصلح من أحوال هذه الفئة فى ظل الارتفاع المتتالى للأسعار". متابعا "إحنا مش عارفين نعيش إزاى بالمعاش لا عارفين ناكل ولا عارفين نتعالج".

من جانبه قال سعيد الصباغ رئيس النقابة العامة لأصحاب المعاشات، إن عدد أصحاب المعاشات يبلغ 8.8 مليون شخص يوجد منهم 48% يحصلون على معاش أقل 1000 جنيه، وهو ما يؤكد الأوضاع المأساوية التى يعيشها هؤلاء المواطنون.

وطالب الحكومة بضرورة النظر لأوضاع أصحاب المعاشات ومحاولة تحسينها خاصة وأن عددا كبيرا منهم يضطر إلى الخروج إلى العمل رغم كبر سنهم وظروفهم الصحية المتدهورة بسبب صعوبة العيش بما وصفه بـ "المعاش المشوه"، مؤكدا أن المشكلة هى أن التأمين على العاملين فى العديد من شركات القطاع الخاص لا يتعدى نسبة 10% من أجورهم الحقيقية، بجانب أن القوانين الحالية لا تنصف العاملين وتأتى فى صالح أرباب العمل وهو ما دفعه إلى إرسال مذكرة إلى مجلس النواب ورئيس الجمهورية لمطالبتهم بالتدخل الجاد لإنصافهم والعمل على زيادة العلاوة السنوية بما يتماشى مع نسبة التضخم.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة