فى كتابه «التجدد الحضارى» يذهب المستشار طارق البشرى إلى أن الحديث عن حركة التجديد فى الفكر الإسلامى الحديث ينظر لها بدءا من كتابات كل من، رفاعة الطهطاوى، والأفغانى إلى الطاهر بن عاشور، لكن لا يتم النظر إلى مناهج التدريس فى الأزهر وغيره ونظم الدراسة فى المعاهد الدينية، ومدى تطورها أو بقائها على حالها، وما جرى فيها من تطوير لهذه المؤسسات، وفى إنشاء معاهد جديدة للفكر الدينى، كما لم يتم الاهتمام بالتغيرات التى جرت على التشريعات ولا المبادئ التى استقرت أو بدأت تظهر فى أحكام المحاكم وعلى أقلام المفتين وغيرهم.
ويتابع المستشار البشرى بأن حركة الفكر الحديث تم حصرها فى أعلام مفردين من لطفى السيد إلى طه حسين، وشبلى شميل، وفرح أنطون وأضرابهم فى بلاد العرب، ويتم الغفلة عن مؤسسات وهيئات لها من الأثر الفكرى أضعاف ما لهؤلاء، لأن هذه التكوينات عرفت الممارسة للفكر وليس الدعوة له فقط.
وهذه نقطة مهمة طرحها طارق البشرى، تعنى أن المراهنة تكون على الأشخاص وعلى التطبيق للأفكار، لذا دعونا نتأمل مصطلح «تجديد الخطاب الدينى» هذا الذى شغل المجتمع المصرى كثيرا فى الفترة الماضية وما زال، وأقيمت من أجله المؤتمرات النظرية، وتم تأليف الكتابات الكثيرة التى تشرح وتنظم وتدين لكنها لا تقدم حلولا، لدرجة أنها لم تتفق حتى على مفهوم التجديد نفسه، ولم نعرف بعد كيفة الدخول الصحيح لهذه العملية التى نراها معقدة، وليس لها مستقبل واضح أمامنا.
لكن الصورة ليست قاتمة تماما، فلو استخدمنا مبدأ القياس، وهو من المبادئ الأساسية التى يعتمد عليها الفقه الإسلامى ويجلّها، يمكن لنا أن نطبق كلام المستشار البشرى على ما يفعله الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الذى يظهر من خلال برنامجه «الإمام الطيب» ويعرض على القنوات التليفزيونية فى رمضان، لفهمنا كيف يكون التجديد، ويكفى أن نتوقف أمام خطابه المتعلق بمن يطلق عليهم «أهل الفترة» حتى نعرف أن الخطاب المنتشر فى المجتمع الإسلامى حوار متأخر جدا، وأننا نحمل فى داخلنا الأفضل لكننا لا نتعب أنفسنا ونخشى مواجهة المجتمع المحيط بنا، لكن الإمام الطيب فعلها وقال قولة الحق.
علينا أن نستغل شهر رمضان، لأنه موسم لطرح الكثير من الأفكار وفرصة طيبة لاختبار أشياء كثيرة، يتيح لنا الشهر الكريم مناقشتها ومعرفة جديتنا فى فهمها وقدرتنا على تطبيقها، ومن هذه القيم صلة الرحم والتواصل مع الأصدقاء، وبناء علاقات اجتماعية طيبة، كذلك الارتباط ببيوت الله والإنصات لتعاليمه ومبادئ دينه، كما يكون أيضا فى رمضان للقضايا الفكرية نصيب، يمكن التعرف عليها واختبارها بمدى التزام المادة الدينية التى تعرض فى رمضان، والقضايا الشائكة التى تثيرها أو تحاول أن تبحث لها عن حلول، ومن ذلك قضايا ما يسمى بتجديد الخطاب الدينى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة