رغم أن شهر رمضان هو شهر العبادات ويكثر فيه الذهاب إلى المساجد وقراءة القرآن، فكما قال رسولنا الكريم «شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار» إلا إننا لدينا أصرار منقطع النظير لتحويل هذا الشهر الفضيل إلى حلبة سباق بين عشرات المسلسلات التى لا تضر ولا تنفع فغرضها التسلية فى المقام الأول.
لكن يبقى التليفزيون كالسكين يمكن أن تطبخ به طعامك ويمكن أن تقتل به نفسك. وإن كنت من المؤيدين للتخفيف من كم الإنتاج الفنى للمسلسلات فى شهر رمضان الفضيل.. فى نفس الوقت أعارض بشدة ما يطلق عليه برامج المقالب.
فى الماضى القريب كانت لدينا برامج خفيفة ضاحكة مثل الكاميرا الخفية وغيرها من البرامج غير المؤذية وغير المزعجة وكانت هناك جملة شهيرة تسأل لمن وقع له الموقف المضحك «نذيع ولا مش هنذيع؟» كنوع من احترام خصوصية الناس.. فلم تكن هذه البرامج مكلفة إنتاجيا وفى نفس الوقت كانت لديها هدف سواء كان ترفيهيا أو تعبيرا عن سلوكيات الناس فى المواقف الحرجة وأتذكر أننا كمشاهدين كنا نستمتع بهذه القفشات الخفيفة ونضحك من القلب.
لكن ما يستوقفنى حقا أن البرامج الترفيهية أو ما تعرف ببرامج المقالب تحولت إلى برامج عنيفة تستخدم فيها الأسود الحقيقية والطائرات وأسماك القرش والنيران وكأن المقلب كلما زادت غرابته وعنفه وصعوبته كلما زاد استمتاعنا به.. وهذا أمر غير صحيح بالمرة فالمتعة تأتى دائما من البساطة وخفة الظل وليس استخدام الأفكار المدمرة القاسية التى قد تصيب من يقع فى المقلب بأزمة قلبية أو صدمة نفسية.
وأتساءل هل يعرف من يقدمون هذه البرامج العنيفة التاريخ المرضى لضحاياهم.. ربما تكون لديهم فوبيا نفسية من النار أو ركوب الطائرات أو فوبيا من البحر أو ربما تكون لديهم بعض الأمراض التى تؤثر على صحتهم فتظهر أعراض أزمة قلبية أو ارتفاع مفاجئ لضغط الدم.
ولا أظن أن فى برنامج مثل رامز جلال أو هانى رمزى يتم الكشف الطبى على الضحايا أو من يقع عليهم الاختيار.. أما إذا كان الأمر برمته متفقا عليه وهذا أمر وارد.. إذن أين المغامرة فيما يقدمونه؟؟!! سنشعر وقتها نحن المشاهدون أننا قد تم الاستخفاف بعقولنا وأننا نرى مشاهد تمثيلية تافهة فى برامج تافهة لا تستحق المشاهدة!!
فلماذا إذن تنفق ملايين الجنيهات على هذه البرامج ويتم وضعها فى أوقات الذروة والتى يحرص المشاهد على متابعتها؟.
لماذا يريد القائمون على هذه البرامج أن يحولوا شهر البركة.. شهر العبادة إلى شهر لقتل الوقت بأى طريقة وبدلا من تقديم موعظة حسنة أو حتى ترفية يحترم عقل ومشاعر المشاهد نجد أشخاص مختلين نفسيا وروحيا يتحدثون عن عشقهم إلى العنف ورؤية الرعب فى عيون ضحاياهم.
هل حقا تحول شهر الرحمة والإحساس بالفقراء والضعفاء إلى شهر ننتظر فيه صرخات ضيوف برامج المقالب المستفزة غير المبهجة غير الآدمية؟
أرجوكم قبل أن تنساقوا وراء الأفكار المريضة والمجنونة فكروا فيما تقدمونه لنا كمشاهدين فنحن فى هذا الشهر فى أمس الحاجة إلى القرب من الله.. فى أمس الحاجة إلى كلام يشرح الصدور ويهدى النفوس ويبعث فى الروح الأمل.
وأخيرا أنا لست ضد الترفية فى رمضان لكننى ضد كل ما هو مستفز ومسىء ومحبط.. حتى الترفية لابد أن يكون منتقيا.. أن يكون له معايير فى جودته.. حافظوا على أعيننا ونظفوها.. يرحمكم الله.