عمرو موسى زرع ألغاماً ومتفجرات فى دستور 2014 للانتقام من منصب الرئيس
جمعنى لقاء خلال الساعات القليلة الماضية بشخصية سياسية وكاتب ومحلل كبير، سواء قبل الثورة أو بعدها، على «ترابيزة» إفطار نظمته «فئة محترمة»، وكانت آراء هذه الشخصية قبل الثورة- ومازالت- محل تقدير كبير فى الشارع، ومعبرة، كأنه يقرأ المستقبل، دون أن يملأ الدنيا ضجيجًا بمصطلحات عجيبة وغريبة من عينة مصطلحات عمرو حمزاوى «الضعضعية».
الشخصية السياسية المحترمة، أكد لى بمناسبة الحديث عن قرار محكمة القضاء الإدارى ببطلان توقيع اتفاقية «تيران وصنافير»، أن هناك محاولة قوية وحثيثة للتغول على صلاحيات منصب رئيس الجمهورية، وهى خطة ممنهجة حملتها بقوة رياح 25 يناير 2011، فى رسالة مضمونها تفريغ المنصب الأهم من صلاحياته، ليتحول إلى منصب بروتوكولى، وتتحول الساحة إلى صراع بين السلطات، وما يستتبعه من صراعات وصدام كبير، ومن ثم قلاقل وعدم استقرار، وانخراط البلاد فى دوامة خطيرة من الصراعات، فى ظل غياب السلطة «الحكم» ذات الصلاحيات المهمة، خصوصًا فى دول العالم الثالث.
وقال لى، استدلالًا على ما طرحه، إن القضاء الإدارى أقحم نفسه فى المسائل السياسية، وهنا نقطة فارقة فى تاريخ قضاء مصر العريق، وتحول محورى ومهم، وسلبياته قد تنعكس بقوة على أداء المحاكم خلال المرحلة المقبلة، خاصة أن المحكمة بسطت نفوذها على السلطة التشريعية المنوط بها بسط رقابتها على أعمال السلطة التنفيذية، خاصة فيما يتعلق بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية.
الرجل قال: إنه وفقًا للقانون والدستور والتقاليد الإدارية والسياسية المتعارف عليها والراسخة، فإن البرلمان هو المعنىّ بمساءلة المسؤول الإدارى عن مثل هذه القرارات، وليس القاضى فى أى محكمة من المحاكم، ومن ثم فإن ثمة صراع بسط نفوذ لاح فى الأفق بين السلطات المختلفة.
الحقيقة أن تقليص صلاحيات الرئيس فى مصر بدأ يظهر بقوة مع الحراك الثورى فى 25 يناير 2011، ووجدنا فى 7 فبراير 2011 عزمى بشارة، والجميع يعلم من هو عزمى بشارة، الكاره لمصر وجيشها ومؤسساتها، الداعية المبشر بالسياسة القطرية، المنفذ لمخططاتها، الداعم الأقوى لجماعة الإخوان الإرهابية، يكتب مقالًا مطولًا فى إحدى الصحف العربية تحت عنوان «الثورة المصرية الكبرى: آفاق ومخاطر»، فجّر فيه مسألة صلاحيات الرئيس فى مصر حتى قبل أن يتنحى «مبارك» من الحكم بأربعة أيام، وشن هجومًا لاذعًا على صلاحيات الرئيس فى مصر، مطالبًا بوضوح بانتهاز فرصة الحراك الثورى لتقليص صلاحيات هذا المنصب، وتقليم أظافر الرئيس الذى سيجلس على مقعد الرئاسة.
وحملت جماعة الإخوان الإرهابية، ومن خلفها مرضى التثوراللاإرادى، على عاتقهم تقليص صلاحيات الرئيس، وإعداد دستور لا تفهم منه هل نظام الحكم فى مصر رئاسى أم برلمانى، فيما يشبه «تزويج حصان بحمار فأنجبا بغلًا، لا هو حصان ولا حمار»، ثم جاء دستور 2014 الذى أعده عمرو موسى لينزع صلاحيات جديدة من صلاحيات منصب الرئيس، وكأن الرجل ينتقم من هذا المنصب الذى لم يدركه فى سباق انتخابات 2012، وحصل على المركز قبل الأخير.
نقطة نظام، هناك سؤال يحيرنى، ولا أجد له أى إجابة، كيف لمرشح على مقعد الرئاسة فى 2012، وهى الانتخابات الأضعف التى شهدتها وستشهدها مصر فى المستقبل، يحصل فيها على المركز الرابع وقبل الأخير، أن يتم تعيينه رئيسًا للجنة الخمسين لإعداد الدستور؟، وهل نضبت مصر من الكفاءات لدرجة أن يتم تعيين عمرو موسى، مرشح الرئاسة «الساقط» بجدارة واستحقاق، والذى أسهم بكل قوة فى منح صك الشرعية للناتو لضرب ليبيا، وترك سوريا للمصير المجهول عندما كان أمينًا عامًا لجامعة الدول العربية، أن يسهم فى إعداد دستور «محترم» يليق بمصر، ويكون طوق النجاة لنجدتها ونهضتها؟
صلاحيات الرئيس أصبحت «غنيمة»، الجميع يحاول الانقضاض والحصول عليها، ومنها السلطة القضائية، وتحديدًا «القضاء الإدارى» الذى حاول خلال السنوات الثلاث الماضية أن يبسط نفوذه على «أعمال السيادة»، فلم تقيده المبادئ والأعراف السابقة، خاصة فى وقائع دعوة الناخبين للاقتراع، وفرض حالة الطوارئ، والاتفاقيات الدولية.
حكم بطلان توقيع اتفاقية «تيران وصنافير» كشف بجدية صراع بسط النفوذ، والجور على السلطات، وفى القلب منها سلطات الرئيس، وهنا الخطر الحقيقى الذى يمكن أن يغرق البلاد فى دوامات الصراع، والارتباك والقلق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة