كان الزبير بن العوام راجعًا إلى المدينة قادما من موقعة الجمل، فى سنة 36 هجرية وفى منطقة تسمى وادى السباع، جلس ليستجيب لنداء الله، وبينما هو فى صلاته اقترب منه عمرو بن جرموز فقتله غيلة وهو يصلى، وظن القاتل أنه فعل شيئا حسنا فذهب للإمام على بن أبى طالب وأراد أن يدخل عنده، فقال «على»: لا يدخل فقد سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول «بشر قاتل ابن صفية بالنار».
كان الزبير بن العوام محبًا للصحابى الجليل عثمان بن عفان، الخليفة الثالث للمسلمين، وقد عز عليه ما حدث له من مشكلات انتهت بقتله، ورأى فى خروج الناس بهذا الشكل العشوائى وإصرارهم على قتل رجل تستحى منه الملائكة وانتهاكهم لحرمة مدينة رسول الله وتطاولهم على صحابته لهو أمر يستوجب القصاص، لذا أصر عليه وطلبه من «على» بعد أن بايعه، لكن «على» كان يرى التريث فى هذا الأمر خاصة أن قتلة عثمان ليسوا شخصا واحدا ولا من بلد واحد لكنهم كثر ومن مناطق مختلفة ومتباعدة.
الزبير بن العوام هو ابن صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله وهو حوارى النبى، حيث قال عليه الصلاة والسلام » إن لكل نبى حواريا وحوارى الزبير بن العوام» والحوارى هو الناصر والمعين والمصدق، ويكفى فى ذلك أنه أسلم وعمره لا يتجاوز الـ16 عاما وكان ضمن الـ8 الأوائل فى الإسلام، وأنه ذات مرة سمع أن النبى تم احتجازه من قبل قريش فى شعاب مكة فحمل سيفه وخرج قاصدا النبى، فلم وصل هناك وجد الرسول الكريم جالسا، وبعد أن حكى له ما سمعه قال له النبى «وماذا كنت فاعلا» فقال الزبير كنت سأقتل من أخذك يا رسول الله، فدعا له النبى ولسيفه، وكان هذا الحادث فى بداية الدعوة عندما كان المسلمون قليلين وفى حالة من الضعف، لذا يعد الزبير أول من استل سيفا فى الإسلام.
وكان الزبير بن العوام الذى سال دمه على الأرض بينما هو بين يدي ربه أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب بعد مقتله، فى طفولته مات أبوه فى حرب الفجار، فكانت أمه «صفية» تقسو عليه حتى يكبر قويا قادرا على التحمل لكن هذا الأمر جعل به قوة فى الطباع حسبما نعرف من تعامله مع السيدة أسماء بنت أبى بكر زوجته الأولى، وقد أكرمه الله بأبنائه ومنهم عروة بن الزبير الذى حكى كثيرا من سيرة والده مما جعلنا نعرف الكثير عن «حوارى النبى».
فى موقعة الجمل وجد الزبير نفسه فى مواجهة على بن أبى طالب وهو ما لم يتخيله قط، فترك المعركة وذهب، بعد أن ذكره على بمقولة للرسول الكريم عن «الظالم والمظلوم» لكن عمرو بن جرموز كان يسير خلفه ويتبعه.