عادل السنهورى

طلاب الثانوية العامة وأزمة الثقة الجديدة

الخميس، 30 يونيو 2016 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يعرف الشوق إلا من يكابده، ولا الصبابة إلا من يعانيها، ولا يسهر الليل إلا من به ألم، ولا تحرق النار إلا رجل واطيها، هكذا يقول عمنا الشاعر العبقرى أبوالطيب المتنبى السابق زمانه وعصره وأوانه، ومن عاش زمنه من الشعراء وحتى من عاش بعده، وما قاله المتنبى هو رسالة موجهة مباشرة إلى السيد وزير التربية والتعليم، هلالى الشربينى، والسادة المسؤولين فى الوزارة، خاصة الأخ «الفولى» وكيل الوزارة الذى استفز الطلبة وأولياء الأمور أمثالى والإعلام، واتهمهم بأنهم السبب فى ظاهرة تسريب الامتحانات، وأظن أن مكانه بهذه التصريحات المستفزة ليس فى الوزارة، فالسيد الوزير يبدو أنه لم يكابد الشوق ولم يجرب نار الثانوية العامة فى أبنائه، إلا إذا كان تفادى «كابوس الثانوية» وجحيمها إلى التعليم الأمريكى أو البريطانى، السيد الوزير ولا السادة القائمون على أمر التعليم ما قبل الجامعى فى مصر يعيشون على أرض الواقع، ولا يشعرون بالمعاناة التى يتحملها أولياء أمور طلاب الثانوية العامة الذين عاشوا على أعصابهم، وأنفقوا كل مواردهم لتوفير الأجواء المناسبة لأبنائهم لاجتياز هذه السنة «الكارثية» التى تحولت إلى رعب وكابوس وكارثة بسبب عبقرية خبراء التعليم لدينا فى جعل سنة واحدة لا معنى لها بطريقة امتحانات مملة وروتينية، هى المتحكم فى مصير طالب مهما كانت مواهبه وقدراته وإمكاناته.
السيد الوزير لا يدرك أن هذه السنة تنفق فيها الأسر المصرية مليارات الجنيهات على مدارس لا يذهب إليها الطلاب، ودروس خصوصية استنزفت مواردهم وطاقاتهم، ولا يعرف أن اليوم الذى يمر من هذه السنة تتنفس فيه الأسر الصعداء، وتنتظر اليوم التالى ثم أيام الامتحانات بهمها وغمها وفرحها وحزنها، المهم أن تمر هذه السنة التعيسة.

لكن السيد الوزير لا يهمه الأسر المصرية ولا الدولة المصرية، فالفلوس كتير والحمد لله، والميزانية العامة بها فائض والعجز تم القضاء عليه وقضى الأمر والحمد لله، فلا مانع لديه وبسبب عجزه وفشله فى مواجهة ظاهرة التسريب، وتحدى صفحات إلكترونية للوزارة وللحكومة وللدولة أيضا، أن يقرر ببساطة إعادة الامتحانات دون حساب لأية نتائج أو تداعيات اجتماعية واقتصادية وحتى سياسية.

وزير التعليم وضع الدولة كلها فى مأزق حقيقى وفى ورطة أمام أكثر من نصف مليون أسرة مصرية، وأمام مشهد معقد ومرتبك، والدخول فى عداء مع جيل كامل من طلاب مصر إلى حد الاعتداء الأمنى عليهم، وهو أمر خطير ينذر بأوضاع غير مأمونة العواقب سياسيا فيما هو قادم، فلمصلحة من معاداة هذا الجيل ونحن فى الأساس نعانى من أزمة ثقة مع الشباب، فهل هناك من يسعى أيضا داخل وزارة التربية والتعليم لمزيد من عدم الثقة بين الدولة الجديدة، وهى تحتفل بثورة يونيو ليزيد من تعقيد العلاقة مع الشباب؟

لا أريد تسييس القضية، لكن يبدو أن المسألة ألقت بها وزارة التربية والتعليم فى قلب السياسة، ووضعت طلاب الثانوية فى مواجهة الأمن وأجهزة الدولة.

وإذا افترضنا أنها مسألة وقتية ستنتهى بنهاية امتحانات الثانوية العامة، فمن يعالج أثار الصدام والعداء من الطلاب وفجوة الثقة بينهم وبين نظام التعليم فى مصر؟

لمصلحة من يا معالى الوزير أن يتحمل أولياء الأمور إعادة امتحانات أبنائهم وإنفاق أموال إضافية، ولمصلحة من تتحمل ميزانية الدولة هذه الأموال، فاليوم الواحد يكلف الدولة أكثر من نصف مليار جنيه، يعنى أن أيام الإعادة الأربعة حوالى مليار جنيه، وماذا لو اتخذ طلاب الثانوية العامة قرارا جماعيا بمقاطعة باقى أيام الامتحانات، ماذا سيكون قرار الوزير والحكومة؟

السؤال الأهم والمطلوب الإجابة عنه، هل قرار تأجيل أو إلغاء الامتحانات هو قرار وزارى بيد وزير التعليم فقط، أم أنه قرار سيادى يجب اتخاذه بعد تقدير وتقييم الموقف وتداعياته من أعلى سلطة فى الدولة؟

نحن أمام أزمة حقيقية، فالامتحانات بمرها وحلوها وبشاشتها وكآبتها ستمر، وسيبقى داخل نفوس جيل كامل من طلاب الثانوية أزمة ثقة حقيقية فى كل شىء حولهم، وهو ما يجب محاسبة المسؤول عنها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة