الدولة العظمى صاحبة سجل حافل فى انتهاك حقوق الإنسان
قريبا ستحكم الولايات المتحدة الأمريكية امرأة.. وتصبح «هيلارى كلينتون» أول امرأة تصل لمنصب الرئاسة فى أمريكا، هكذا تسجل كل المؤشرات التى تتابع السباق الرئاسى المحموم، فرغم أن الانتخابات الأمريكية أمامها ما لا يقل عن ستة شهور، حتى تحسم نتيجتها نهائيا، إلا أن إحساسى الذى شعرت به فى عام 2009 بنجاح أوباما كأول رئيس أمريكى أسود من أصول أفريقية يحكم هذه القارة متعددة التناقضات، سيتجدد هذا العام؟!فهى الدولة العظمى منذ ما يقرب من خمسين عاما، وصاحبة سجل حافل فى انتهاك حقوق الإنسان، سواء كان أمريكيا أسود اللون، أو من أصل غير أمريكى، فهم يمثلون العالم من وجهه النظر الأمريكية، خاصة الأمريكان ذوى البشرة البيضاء.
الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة كل الأفكار الخبيثة، والتفنن فى طرق التعذيب والإقصاء والسجن، فهى التى اخترعت سجنا ذا طبيعة خاصة فى أحد مناطق نفوذها، بعيدا عن الأراضى الأمريكية فى جزيرة جوانتانامو بكوبا، ومارست فيه الاحتجاز، لأجل غير مسمى، دون تهمة أو محاكمة منذ أكثر من 14 عاما، وكان من المفترض أن تقوم إدارة أوباما بنقل المحتجزين إلى أوطانهم، وهذا ما لم يحدث حتى الآن.
ورغم أن الولايات المتحدة الأمريكية هى الأعلى صوتا فى الدفاع عن حقوق الإنسان، فدعونا نذكر إحصائية تقول إن عدد السجناء داخل سجونها وصل إلى ما يزيد على مليونين ونصف المليون، بالاضافة إلى محاكمة الأطفال أقل من 15 عاما، فى بعض الولايات كالبالغين وسجنهم فى سجون مماثلة.
كذلك يتنشر الحبس الانفرادى غير المبرر، والذى أدى إلى إصابة المسجونين بأمراض نفسية.
دعونى أبشر كل من سعى إلى الحلم الأمريكى أن يقرأ معنا عددا من المعلومات والمفارقات التى ستشجعه، لا محالة، لإعادة التفكير فى حلمه مرة أخرى.. فالولايات المتحدة الأمريكية حاملة لواء الديمقراطية والحرية فى العالم هى التى دخلت منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، فى 75 حربا وتدخلا عسكريا، وساعدت عددا من الانقلابات العسكرية التى بمقتضاها دمرت دولا وتغلغل الطغيان فى أرجائها.
أمريكا هى نفس الوطن الذى احتضن كل الجنسيات، وفتح أبوابه لهم، فى حين مازال هناك على مرأى ومسمع الجميع مزيد من التنكيل والتمييز العنصرى لكل ما هو أسود وأفريقى، ورغم أنهم انتخبوا رئيسهم فى عام 2009 أسود من أصول أفريقية، فإن حادثة الشاب الزنجى الذى قتل على يد الشرطى الأبيض فى أغسطس 2014 لخير دليل على مدى العنصرية والكراهية المتأصلة فى هذا المجتمع، الذى كتب رئيسه الـ16 إبراهام لينكولن كل العهود والمواثيق لإلغاء العنصرية والعبودية فى بلاده التى أراد لها أن تتطهر من دماء الأبرياء.. هل تعلمون أن الشباب ذوى البشرة السوداء معرضون للقتل 7 مرات أكثر من الشباب ذوى البشرة البيضاء .. ورغم أن 40% من الشرطة فى أمريكا من السود، فإن التقارير تشير إلى تعرضهم للقتل على يد المواطنين!.
كذلك يتعرض الكثير من الشباب والأطفال السود للقتل على يد رجال الشرطة ذوى البشرة البيضاء الذين لديهم ميول عنصرية، حتى فى عمليات القبض على عصابات المخدرات، وتتم محاسبة المذنبين السود والتغاضى عن تجار المخدرات البيض، بالإضافة إلى أن نسبة الفقر بين السود تزيد ثلاث مرات على البيض، ناهيك عن التمييز فى الزواج والتعليم والكنائس والأحياء التى يعيشون فيها والوظائف التى يتقلدونها.
ويعتقد البروفسير الألمانى الدكتور «كريستيان هاك» المتخصص فى العلوم السياسية، أن أوباما لم يقم بأى دور فى قضية التمييز العنصرى سوى لون بشرته، إلا أنه يتناغم مع البيض أكثر من أبناء لحمته، حتى يبدو فى بعض الأحيان أنه أكثر بياضا من البيض أنفسهم، وكان هناك استطلاع رأى غريب قد أجرته شبكة ABC الأمريكية الإخبارية التى وصفت أن اختيار رئيس أسود للبلاد لأمر خطير.
ورغم أن الحلم الذى تحدث عنه الزعيم الأسود الثائر مارتن لوثر كينج فى عام 1963 عندما قال «عندى حلم بأنه فى يوم من الأيام سيعيش أطفالى الأربعة فى شعب لا يكون الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوى عليه أخلاقهم، يبدو أن ذلك الحلم لن يتحقق أبدا.. فإذا كان حلم الأمريكيين ذوى البشرة السوداء، قد ضاع، فهل يحقق شبابنا ذو البشرة السمراء أحلامهم هناك؟!