لمصلحة المجتمع والناس فى مصر، ولمصلحة صناعة الصحافة والإعلام والصحفيين، لابد من وقف الفوضى فى الساحة الإعلامية وتنظيمها.. والإجراءات معروفة ومجربة، ولن نعيد اختراع العجلة.. وتبدأ أولًا بتشريعات وقوانين حديثة ومتطورة، وثانيًا: نقابات قوية ومستقلة للعاملين فى الصحافة والإعلام، تدافع عن مصالح أعضائها، وتضع مواثيق شرف، ومدونات سلوك تحاسب على أساسها الصحفى أو الإعلامى المخطئ، وثالثًا: فصل الملكية عن الإدارة والتحرير، ومنع الاحتكار، ورابعًا: دعم المجتمع المدنى وتشجيعه فى رقابة الأداء الإعلامى، وضمان حق الجمهور فى المشاركة فى الإعلام، وتلقى إعلام نظيف ومتوازن، وذلك من خلال تشجيع المواطنين على تشكيل جمعيات للدفاع عن حقوق القراء والمشاهدين والمستمعين.
خامسًا: التزام الصحفى والصحيفة أو القناة بالقواعد المهنية للعمل الصحفى المعمول بها فى العالم، وسوف أناقش اليوم ببعض التفصيل هذا الجانب المهم، والذى أزعم أنه غير معروف تقريبًا فى مصر، فلا يجرى تدريس القواعد المهنية بشكل جيد فى كليات الإعلام وأقسامها، ولا يتم تدريب الصحفيين والإعلاميين فى المؤسسات التى يلتحقون بالعمل بها.
وبالمناسبة فإن كلمة الصحفيين تعنى فى أوروبا والدول المتقدمة الذين يعملون فى الصحافة المطبوعة أو الإلكترونية أو الإذاعة أو التليفزيون، لكننا فى مصر وبعض الدول العربية نطلق على العاملين فى الإذاعة والتليفزيون لقب إعلامى، وهو اختراع مصرى أخذت به بعض الدول العربية، وكأن الصحفى ليس بإعلامى!، وهكذا ستصبح لدينا ثلاث نقابات، للصحفيين، والإعلاميين، ثم للعاملين فى الصحافة الإلكترونية، وبعضهم يدير إذاعات وقنوات أون لاين.
القواعد المهنية المعمول بها فى الصحافة والإعلام هى إحدى أهم آليات ضمان حرية الصحافة، وحق الجمهور فى المعرفة، علاوة على توفير قواعد لمحاسبة وتقييم الصحفيين فى نقاباتهم، وأمام الجمهور الذى ستمثله جمعيات الدفاع عن حقوق القراء والمشاهدين، ومن وجهة نظرى فإن القواعد المهنية يجب أن تعلو أنظمة وقوانين النقابات وجمعيات القراء والمشاهدين، وتعلو أيضًا السياسات التحريرية، وأدلة العمل التى ستعلنها الصحف والقنوات للرأى العام، وتلزم العاملين فيها بعدم مخالفتها، فمن غير المقبول أو المعقول أن تطلق صحيفة أو قناة تتبنى سياسة تحريرية تخالف القواعد المهنية الأساسية المتعارف عليها فى العالم، وأهم تلك القواعد، وفى حدود مساحة هذا المقال، هى:
أولًا: التقيد بالحقائق، وضرورة نسب التصريحات للمصادر التى أدلت بها، والالتزام بعدم الإفصاح عن مصدر الإخبار فى حال اتفقت الصحيفة أو الصحفى مع المصدر على عدم كشف شخصيته.
ثانيًا: الدقة والموثوقية، بحيث لا ينشر أو يذاع خبر إلا بعد التأكد من مصدرين على الأقل، وتجنب نشر الأخبار المجهلة المصدر.
ثالثًا: التمييز بين الأخبار والآراء، بحيث لا ينشر خبر مطعم برأى، وكذلك التمييز بوضوح بين المادة الصحفية والإعلانات.
رابعًا: يمنع على الصحفى جلب الإعلانات، أو القيام بأعمال العلاقات العامة والتسويق، كما يمنع من قبول الهدايا بجميع صورها، بما فى ذلك تغطية أخبار لمؤتمرات أو ندوات تقوم الجهات المنظمة بتحمل تكلفة سفره وإقامته.
خامسًا: التوازن فى نشر الروايات المختلفة فى الأخبار والقصص الإخبارية، ومنح كل مصدر فرص متساوية، وعدم تمييز أحدهم بعناوين أو مساحات أكبر من غيرهم.
سادسًا: احترام خصوصية المواطنين وحقوق الضحايا، فلا يجوز مثلًا نشر اسم أو صورة أحد الضحايا المصابين فى جرائم أو حروب أو حوادث إلا بعد موافقته شخصيًا، أو موافقة عائلته فى حالة موته.
سابعًا: لا يجوز نشر أسماء أو صور المتهمين أو المعتقلين على ذمة قضايا، إلا بعد موافقتهم.
ثامناً: غير مسموح بنشر أسماء أو صور المتبرعين بالأعضاء، أو المستفيدين من هذا التبرع، والمدمنين، والمرضى النفسيين، والمراهقين تحت سن 18 عامًا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة