عادل السنهورى

«ثورة التسريب مستمرة» ولا عزاء للتعليم

الثلاثاء، 07 يونيو 2016 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إجراءات الحكومة لم تردع مافيا التسريب



«ثورة التسريب» ما زالت مستمرة، وصفحات غش امتحانات الثانوية العامة على مواقع التواصل الاجتماعى، خاصة الفيس بوك، ما زالت ترفع راية التحدى للحكومة ولوزارة التربية والتعليم، و«تخرج لسانها» للجميع.

ويبدو أن إجراءات الحكومة فى أول أيام امتحانات الثانوية العامة لم تردع مافيا التسريب، فالقبض على أشخاص، قالت وزارة الداخلية المصرية: إنهم وراء صفحات «شاومينج» الشهيرة للغش فى امتحانات الثانوية، وتسريب الامتحانات، وأذاعت اعترافات هؤلاء الشباب حتى ظن الناس أن المسألة انتهت، وتم القضاء على مافيا التسريب، وسوف تستقر عملية الامتحانات، وتهدأ اللجان ويخف انزعاج أولياء الأمور- مثلى- من شيوع الفساد فى العملية والنظام التعليمى فى مصر، حتى وصل إلى انعدام الضمير، وتسريب الامتحانات التى من المفترض أن يشرف عليها أناس شرفاء ليسوا «خونة» يتمتعون بنزاهة وضمير.

ويبدو أيضا أن إحالة وزارة التربية والتعليم، بالأمس، 12 مسؤولا بالوزارة إلى النيابة، وقرار نيابة جنوب القاهرة الكلية بحبسهم 15يوما على ذمة التحقيقات فى واقعة تسريب امتحانات الثانوية العامة، لم يكن كافيا أو رادعا ومانعا، فالقضية أكبر وأعقد من مجرد حبس أو التحفظ على أعضاء فى لجنة وضع امتحانات الثانوية العامة، ومسؤولين عن مطابع الامتحانات. وتوجيه تهم الإضرار العمد بمصلحة جهة عملهم وتسريب الامتحانات. 

فالقبض على أشخاص وحبس مسؤولين، لم يمنع من استمرار عملية الغش والتسريب، فقد فوجئنا بالأمس ولا يتبقى سوى ساعات قليلة على بدء امتحانات اللغة الإنجليزية اليوم، بصفحات جديدة تتحدى الوزارة والحكومة، وتعلن أنها سوف تنشر غدا امتحان اللغة الإنجليزية للثانوية العامة، وامتحان منطق نظام حديت للثانوية الأزهرية، بعد أن تداولت ورقة أسئلة وأجوبة مزعومة لامتحان اللغة الإنجليزية للثانوية العامة.

المسألة يبدو أنها لا تتلخص فى 12 مسؤولا بالوزارة، بالتأكيد هم «كبش فداء» لمنظومة فساد ضخمة داخل جسد الوزارة، ولا شباب قدمتهم وزارة الداخلية على أنهم «أس الفساد»، وزعماء عصابة التسريب التى حيرت الحكومة وقضت مضاجعها.

الحل ليس فى إقالة الوزير الهلالى الشربينى أو حبس مسؤولين أو القبض على شباب، «فالدودة فى أصل الشجرة»، على رأى شاعرنا الراحل صلاح عبدالصبور فى إحدى مسرحياته الشعرية، والعلاج بإزالة الدودة أو القضاء على الشجرة واجتثاثها وإعادة زرعها من جديد، بمعنى أن إجراءات الإصلاح الوقتية أو حلول المسكنات لن تقضى على المشكلة، ولن تصلح من نظام التعليم المصرى المتردى والمتدنى، ولن تقضى على رعب الثانوية العامة، ولن توفر مليارات الجنيهات التى تنفقها الحكومة أو أولياء الأمور، فالتعليم الأساسى حتى الثانوية العامة يكلف ميزانية مصر أكثر من 70 مليار جنيه، بالإضافة إلى ما يقرب من 30 مليارا للمدارس الخاصة وأكثر من 30 مليار جنيه للدروس الخصوصية، يعنى هناك أكثر من 170 مليار جنيه ضائعة فى الهواء، لأن المحصلة التعليمية صفر كبير مثل صفر مونديال 2010 وبشهادة المؤسسات الدولية والمحلية أيضا، والحصاد مر والمنظومة الفاشلة والفاسدة أدت فى النهاية إلى اعتماد جيل كامل من الشباب على الغش فى الامتحانات، واعتباره أحد الحقوق الأساسية، وليس من المحرمات أو انتهاكا للأخلاق العامة أو «شيئاً نكرا» والتعامل مع الغش على أنه شىء عادى فى الحياة الدراسية، ثم بعد ذلك فى الحياة العملية، والمحصلة تخريج «جيل غشاش» ضحية نظام تعليمى فاسد.

الإصلاح يبدأ من الجذور، والدعوة إلى عقد مؤتمر قومى عاجل لخبراء التعليم فى مصر أصبح ضرورة ملحة وعاجلة لوضع «خارطة طريق» صحيحة للتعليم فى مصر وفى مدة زمنية قليلة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة