منذ أيام قليلة أعلنت وزارة الثقافة أسماء الفائزين بجوائز الدولة، فى فروعها المختلفة «النيل والتقديرية والتفوق والتشجيعية»، وكان أغرب ما حدث فى ذلك اليوم هو حجب 19 جائزة بالتمام والكمال، مما يعد نذير شؤم على الإبداع والابتكار فى مصر، وأن هناك فروعا من العلم والفنون لا ترتقى أبحاثنا فيها، وسعينا لقراءتها وفهمها لما يستحق للحصول على جائزة الدولة.
والفروع التى حُجبت شملت كل فروع الجائزة ما عدا النيل، ففى فرع التشجيعية تم حجب كل من جائزة أدب الثورة دراسات تطبيقية ونظرية، المسرحية الشعرية، الاستشراق ودوره فى الدرس اللغوى المعاصر، سيناريو الفيلم الروائى الطويل، «علم النفس، الفلسفة، الإعلام، التربية، جائزة مصر والوطن العربى، جوائز البطالة بكل أنماطها، السياسات المالية والتوازن الداخلى للاقتصاد، ثقافة المواطنة وحقوق الإنسان، سياسات مناهضة التمييز»، أما فرع جوائز الدولة التقديرية، فى مجال الفنون تم حجب الثالثة، وفى العلوم الاجتماعية الرابعة حجبت، وفيما يتعلق بجائزة الدولة للتفوق، فتم حجب الثالثة فى الآداب، وفى العلوم الاجتماعية الثالثة وفى الفنون الثانية والثالثة.
وهذا القدر الكبير من الجوائز المحجوبة يجعلنا جميعا نشعر بالخطر على مستقبل هذا الوطن، لأنه لو كل هذه المجالات المهمة والحيوية فى المجتمع ليست بها أفكار جديدة، فإن ذلك يعنى أن المستقبل غير واضح تماما لنا، وأننا لا نعمل على الاهتمام به وتغييره، وبوجه خاص نشعر بالخطر بسبب حجب جوائز الدولة فى (التربية والإعلام)، لأن هذين الفرعين، فى أيامنا الحالية، مهمان جدا، كونهما مرتبطين بصناعة أجيال جديدة قادرة على مواجهة التغيرات، نعم يصيبنا الخوف، خاصة أنه بعد الرجوع إلى أسباب الحجب تبين أنها محصورة فى ضعف المادة المقدمة أو انحيازها أو غياب توثيقها أو التساهل فى تنفيذها، وغياب المنهج العلمى فى تصميمها، وهذه الأسباب كارثية فى حالة أن تحولت إلى طريقة أساسية فى حياتنا لتناول الأمور خاصة أمور العلم.
لكن لا أفهم حتى الآن، لماذا لم تتصرف لجان التقييم فى الجائزة التشجيعية خاصة أنه يحق لها استدعاء نصوص خارجية غير التى تقدم بها أصحابها، ومنحها الجائزة؟ فالمفروض أن أعضاء اللجان متخصصون ويعرفون الأبحاث والدراسات فى مجالاتهم، وكونهم لم يروا نصوصا أنتجت فى هذه الفترة جديرة بالجائزة، فإن ذلك لهو الخطر المبين.
علينا أن ننتبه، فالأمر أكبر من فكرة جوائز وقيم معنوية أو مادية، إنه يعنى أن القدرة على الخيال تتراجع والرغبة فى الابتكار لم تعد ملحة، لذا على الجميع أفراد ومؤسسات تأمل هذه النتيجة وقراءتها والتوقف عند «الحجب» والبحث عن حلول للخروج من المأزق.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة