جمال أسعد

قراءة سياسية لمشكلة طائفية

الأربعاء، 08 يونيو 2016 08:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لماذا نعيد تكرار السيناريوهات المملة، والممارسات المستهجنة، والأفكار الطائفية؟.. لماذا نثور ونستفز عند حدوث الواقعة، وتقوم الدنيا ولا تقعد، فنبالغ فى نقد الذات، وتقييم السلوك، ونتحدث عما يجب أن يكون، ثم تهدأ الأمور وكأن شيئًا لم يحدث، ثم تتكرر المشاكل، وتتعدد الوقائع بنفس السيناريو المعروف؟.. هل يمكن أن تكون هناك نتائج مختلفة لأخطاء متكررة؟، فهذا السلوك وذاك الفكر هو الذى يعلن عن مجمل حياتنا، وفى كل القضايا، وبالطبع لأننا ندعى دائمًا أننا أهم الشعوب المتدينة، وأننا الشعب الذى أبدع الأديان والتدين، لذا فقد أصبحنا شعبًا يمارس التدين الشكلى الطقوسى المظهرى، وهذا لا علاقة له بصحيح الإيمان، والتمسك بالقيم الدينية، لأن الأهم هو أن نعيش الدين وأن نحقق الإيمان فعلًا وعملًا لا قولًا ومظهرًا، لذا فالمشاكل الحياتية بين المصريين الذين يتصادف أنهم مسلمون ومسيحيون نطلق عليها مشاكل طائفية، وهذا لأننا نُقيم الأمور على أساس ديانة كل طرف، وبالتالى تتحول المواجهة والمعالجة واقتراح الحلول على نفس الأرضية الطائفية، وكأن المشكلة قد أصبحت بين كل المسلمين وبين جميع المسيحيين، سواء كان منهم العاقل والمتزن والمتسامح أو المتعصب والمتطرف الذى لا يقبل الآخر، وكلا الطرفين يتصور أنه يمتلك الحقيقة المطلقة.

وبالطبع فى هذا الإطار، وفى ذلك المناخ، يمارس كل شخص الجزء الطائفى القابع بداخله، حسب نسبة الطائفية التى تربى عليها، ووعى على إدراكها، والأفدح أن الجميع يتصور ويمارس هذه الطائفية على اعتبار أنها تدين ولصالح الدين.. وعلى ذلك نجد أن أى مشكلة من التى يطلق عليها خطأ طائفية، تتم معالجتها بطريقة لا علاقة لها بالأصول ولا بالدستور ولا بالقانون، ولكن لكل مشكلة قانونها الخاص الذى يتم تقفيل الموضوع على أساسه، والتقفيل هنا لا علاقة له بالحل أو المعالجة الصحيحة، ولذا نرى الأمن والأجهزة المسؤولة تتعامل مع المشكلة بطريقة خاصة، لا وجود للقانون فيها منذ البداية، فهى بالنسبة لهم طائفية، ولا قانون لها غير مزيد من الممارسات الطائفية.. نرى الإعلام قد تلقف المشكلة التى تحدث عشرات بل مئات المشاكل المماثلة بين أصحاب الديانة الواحدة، فيزيد ويعيد ويقلب الدنيا رأسًا على عقب فى إطار المعالجة الطائفية التى تظهر فى المعد والمذيع والضيوف، حتى لو تشدقوا بمعسول الكلام النظرى الشعاراتى «كلنا إخوات»، و«عاش الهلال مع الصليب»، و«الدين لله والوطن للجميع».
نرى مجمل الرأى العام المسلم يتعاطف مع الجانب المسلم، والمسيحى يتشنج للجانب المسيحى حتى لو كان كل منهم يعترف بخطأ من يتعاطف معهم، لكنها الطائفية يا سيدى.. نرى عند اللزوم بيانات الأزهر والكنيسة للاستنكار والرفض، والدعوة إلى الحب الذى لم يتحقق، والتسامح الذى لا نراه أبدًا، فهل يتصور أحد أى نتيجة صحيحة إيجابية لنفس المعالجة وذات الأسلوب الطائفى لهذه المشاكل؟، فقد جبلنا على «تطييف» أى مشكلة مع من هم مختلفى الأديان.

الحل يا سادة بسيط للغاية، لابد من الاقتناع بأننا جميعًا مصريون، ولا يحكمنا غير القانون.. المسلم والمسيحى مواطنان مصريان لهما نفس الحقوق، وعليهم ذات الواجبات، للكل الحق فى أن يؤمن بصحة دينه، ولكن للآخر نفس الحق، وهذه هى حكمة الله وإرادته، لا دخل على الإطلاق للكنيسة فى مثل هذه المشاكل، لأنها ليست مسؤولة عن الأقباط بديلًا للدولة، فهذا إسقاط لحق الأقباط فى المواطنة.. تدخل الكنيسة يؤكد البعد الطائفى، فيخرج كل المخزون الطائفى لدى الطرفين.. المؤسسات الدينية والأحزاب والعمل الأهلى والثقافى والاجتماعى يجب أن يعمل كل منها بمبدأ الوقاية خير من العلاج فى العمل طوال الوقت، وليس بعد المشكلة.. الجميع مدان، ومصر لكل المصريين، ولا يحافظ عليها سواهم.. كفى طائفية، وتمسكوا بدولة القانون والمواطنة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة