يرى كثير من علماء الأزهر الشريف، وغيرهم من علماء الشريعة المعتدلين فى العالم الإسلامى جواز دفع النقود بدلاً من الطعام فى زكاة الفطر لعدة أسباب منها:
1- إنه لم يثبت عن النبى - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة نص فى تحريم دفع القيمة نقداً، وقيل إن هذه الأصناف كانت متاحة عند الصحابة بخلاف النقود.
2- الأحاديث الواردة فى النص على أصناف معينة من الطعام لا تفيد تحريم ما عداها، بدليل أن الصحابة - رضى الله عنهم - أجازوا إخراج القمح - وهو غير منصوص عليه - عن الشعير والتمر ونحو ذلك من الأصناف الواردة فى الأحاديث الصحيحة.
3 - ذهب كثير من الصحابة بل أكثرهم فى عهد معاوية إلى القول بجواز إخراج نصف صاع من سمراء الشام بدلاً من صاع من تمر، فهذا دليل على أنهم يرون نصف الصاع معادلاً فى القيمة للصاع من التمر أو الشعير ونحو ذلك.
4 - إن المقصود من الزكاة: إغناء الفقراء فى هذا اليوم والمال أنفع لبعضهم من الطعام.
5 - كثير من الفقراء يأخذ الطعام ويبيعه فى يومه أو غده بأقل من ثمنه، فلا هو الذى انتفع بالطعام ولا هو الذى اخذ قيمة هذا الصاع بثمن المثل .
ولا شك أن المبالغة فى النكير على من أجاز إخراج القيمة فى زكاة الفطر ليس بمستساغ، لا سيما وأنه قد قال بذلك جمع من السلف رحمهم الله تعالى فقد وقفت على نصيّن نادرين لأثنين من علماء السلف رضوان الله عليهم أجازوا إخراج زكاة الفطر نقداً وهما الإمام يحيى بن معين والإمام حميد بن زنجويه (المتوفى 251) فقال الإمام يحيى بن معين كما فى تاريخه برواية الدورى: فى زكاة الفطر لا بأس أن يعطى فضة ( النقود) (برقم 2326)، وقال حميد ابن زنجويه: " القيمة ( النقود ) تُجزئ فى الطعام إن شاء الله والطعام أفضل " كما فى كتاب الأموال له برقم (2016).
وللمسألة أصلاً عند السلف والصحابة فقد صح على شرط البخارى كما فى المصنف لابن أبى شيبة ( برقم10371)، وفى كتاب الأموال لابن زنجويه ( 2015) أن أبا اسحاق السبيعى التابعى قال: أدركتهم وهم يعطون فى صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام.
قلت: يقصد الصحابة أو كبار التابعين رضوان الله عليهم، وكذلك ثبت عن عمر ابن عبد العزيز والحسن البصرى وسفيان الثورى وابن شهاب الزهرى، ففى المصنف لابن أبى شيبة ( برقم10369) قال حدثنا وكيع عن قرة قال جاءنا كتاب عمر ابن عبد العزيز فى صدقة الفطر نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته نصف درهم .
وكذلك فى المصنف لابن أبى شيبة (برقم10370)، وبنحوه فى الأموال لابن زنجويه (برقم 2014) قال حدثنا وكيع عن سفيان عن هشام عن الحسن قال :لا بأس أن تعطى الدراهم فى صدقة الفطر.
وكذلك فى الأموال لابن زنجويه (برقم 2013) عن سفيان بإسناد صحيح قال: إذا أعطى قيمة نصف صاع من حنطة أجزأ عنه.
وكذلك عن ابن شهاب الزهرى قوله: اخذت الأئمة فى الديوان زكاة الفطر فى أعطياتهم (كما فى الأموال لابن زنجويه بإسناد صحيح برقم 2012).
قلت: ولم يعارض عمر بن عبد العزيز أحداً من التابعين ( وهم كثرة فى ذلك الوقت ) وكذلك لم يفت أحداً من التابعين بعدم جواز ذلك اللهم إلا ما ورد عن عطاء بن أبى رباح وهو لم يصح نسبته إليه فقد أخرج ابن أبى شيبة فى مصنفه ( برقم 10372) قال حدثنا أبو بكر عن عمر عن ابن جريج عن عطاء أنه كره أن يعطى فى صدقة الفطر ورقاً.
قلت :إسناده ضعيف جداً، فعمر وهو ابن هارون متروك أى شديد الضعف وكان شيخه ابن جريج زوج أخته وقيل زوج أمه ولذا أكثر عمر فى الرواية عنه، إلا أنه كان يروى المناكير عن ابن جريج كما قال الحاكم وغيره ( راجع ميزان الاعتدال 3/228) وتهذيب التهذيب 7/501) وعلى هذا لم يصح معارضة أحد من الصحابة والتابعين لمن قال بجواز إخراج زكاة الفطر نقداً.
وهذا يُعد إجماع سكوتى من الصحابة وكبار التابعين خلال المئة سنة الهجرية الأولى، وهذا هو الكلام الجديد !
ولا شك أنه من الأحرى لمن ينادى باتّباع السلف الصالح أن يقتدى بالصحابة والتابعين ويترك تقليد غيرهم ممن جاءوا بعدهم، أليس كذلك يا أيها المتشددون؟
محمد محمود حبيب يكتب: كلام جديد عن إخراج زكاة الفطر نقداً
الجمعة، 01 يوليو 2016 04:00 م
محمد محمود حبيب
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة