متى نرى هاشتاج «ستات أمريكا خط أحمر»؟!
هل تذكرون الفتاة التى تم سحلها وتعريتها فى شارع القصر العينى أمام مجلس النواب ديسمبر 2011 التى عرفت بـ«ست الستات» ؟ الفتاة حصدت تعاطف المصريين جميعا، لكونها تعرضت لاعتداء أثناء تعبيرها عن موقفها السياسى أولا، ولأنها فتاة ولا يجوز فى أخلاقنا وعاداتنا وأعرافنا تعرية النساء أو الاعتداء عليهن ثانيا، ولأن الصور الملتقطة كشفت تجاوزا مرفوضا من قوات الأمن ثالثا، حتى لو كان أحد أفراد الأمن هو من ستر «ست الستات».
عندما وقعت الحادثة ، كان أول من التقطها مصور وكالة رويترز وأثارت جدلا كبيرا فى الفضائيات وعلى مواقع التواصل الاجتماعى، ونشرت «نيويورك تايمز» صورة الفتاة رئيسية على صفحتها الأولى، ووصفتها الصحف الغربية بأنها أشجع امرأة ليس فى مصر فقط، بل فى منطقة الشرق الأوسط، وانتهزت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كيلنتون آنذاك الفرصة، ووصفت الحادث بـ«العار»، المهم الدنيا انقلبت ولم تهدأ لأسابيع كثيرة حتى بعد أن أعلن اللواء عادل عمارة، المتحدث باسم المجلس العسكرى الحاكم آنذاك، أن الحادث يخضع للتحقيق وستتم محاسبة المسؤولين عنه.
أتذكر حادثة «ست الستات» أو فتاة مجلس الشعب كما جرى تسميتها وقتها ، مع تواتر الأخبار والصور والفيديوهات الممارسات الوحشية للشرطة الأمريكية وردود الفعل الدولية عليها، وآخرها الفيديو الخطير لفتاة من أورلاندو تعرضت لكل أشكال الضرب والإهانة والسحل والتعرية عند القبض عليها، فحتى الآن تتواصل الممارسات غير الإنسانية من الشرطة الأمريكية تجاه الملونين والأجانب ، كما يقمعون كل من يعترض على وحشيتهم ، بعنف مفرط ،لا تفرق بين محتجين سود أو بيض، مما يؤكد على تجذر العنصرية فى المجتمع الأمريكى على أساس اللون والمعتقد والموقف السياسى.
الغريب والكاشف فى الوقت نفسه، أن رد الفعل من المسؤولين الأمريكيين ومن مسؤولى المنظمات الحقوقية الدولية أو منظمات المجتمع المدنى لا يتناسب إطلاقا مع جسامة الجرائم التى ترتكبها الشرطة الأمريكية، فماذا قالت هيلارى كلينتون مثلا على حوادث العنف الوحشى من الشرطة تجاه السود؟ وهل تعهدت مثلا بإجراء إصلاحات جذرية فى ملف الشرطة لمنع استخدام القتل الممنهج على أساس عنصرى ضد السود والأجانب؟ ماذا قالت عن الفيديو الأخير لفتاة أورلاندو البيضاء التى تعرضت للتعرية والسحل.
لا تذكر وسائل الإعلام أى تصريحات لهيلارى كلينتون اللهم إلا ما اضطرت إليه عندما قاطعها محتجون من حركة «حياة السود مهمة» أثناء إلقائها كلمة فى أكتوبر الماضى بولاية جورجيا، فردت عليهم بقولها: «نعم، أعلم أن حياة السود مهمة وسوف أتكلم عنها كثيرا»، لكن يبدو أنها نسيت أن تتكلم أو ابتلعت لسانها مع كل جريمة قتل يرتكبها البيض العنصريون فى الشرطة ضد المواطنين السود العزل، هذا عن المرشحة الديمقراطية، أما المرشح الجمهورى دونالد ترامب فهو أوضح من أن أشير إلى موقفه العنصرى المتشدد تجاه السود والأجانب والمسلمين والصينيين، إجمالا يسقط بلد الحريات تحت عجلات العنصرية البغيضة وسط صمت قادته الذين يستطيعون مواجهة الشر لو أرادوا، ومع تواطؤ المنظمات الحقوقية الدولية التى أثبتت الأيام أنها مجرد واجهات لأقذر المناورات السياسية التى يقوم بها الاستعمار الغربى الجديد لضمان تركيع دول العالم الثالث الغنية بثرواتها الطبيعية والبشرية.
الأمر الآخر، يبدو أن جمهور السوشيال ميديا لا يدرك طبيعة المأساة التى يعيشها الأمريكيون السود أو من يواجهون الشرطة تعاطفا مع السود، وما سحل وبهدلة فتاة أورلاندو رغم أنها بيضاء وليست من المحتجين إلا تأكيد لحاجة المجتمع الأمريكى لهاشتاج «ستات أمريكا خط أحمر» على غرار ما أطلقه الشباب المصرى رداً على سحل فتاة مجلس الوزراء!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة