الصهاينة إذا دخلوا أفريقيا أفسدوها
السؤال الذى غاب عن ذهن الكثيرين فى زيارة رئيس الوزراء الصهيونى بينيامين نتنياهو الأسبوع الماضى إلى عدد من الدول الأفريقية والتقى خلالها برؤساء وزعماء تلك الدول هو «لماذا قام رئيس الوزراء بالزيارة فى هذا التوقيت بالذات، وما الأهداف من ورائها؟»
للأسف التعامل السطحى وممارسة «التفاهة والسخرية» مع الزيارة وربطها بشكل متعسف وغير مبرر أو منطقى مع زيارة الرئيس السيسى إلى الإسكندرية وظهوره بالدراجة وسط أهالى المدينة كان هو اللافت فى تناول وتحليل زيارة نتنياهو لأفريقيا. ولا أدرى ما هو الرابط بين الواقعتين إلا إذا كان «الكيد السياسى» والحقد الذى يملأ صدور الكارهين لمصر ولنجاحات السيسى فى أقل من عامين فى الداخل والخارج.
ما لا يعرفه الكثيرون أن زيارة نيتنياهو إلى أفريقيا هى ثانى زيارة إلى القارة السمراء منذ أكثر من 23 عاما بعد الزيارة التى قام بها هو، فى محاولة للعودة إلى أفريقيا بعد انقطاع العلاقات مع القارة منذ زمن بعيد رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إسحاق رابين عام 1993 ولقائه الملك المغربى الراحل الحسن الثانى. وقبلها فى الستينيات زيارة رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير إلى 4 دول أفريقية فى الستينات.
التقارير الإسرائيلية المتخصصة فى السنوات الأخيرة حذرت من خطورة ابتعاد تل أبيب عن أفريقيا فى السنوات الأخيرة، مع استعادة مصر لدورها الطبيعى والقيادى فى القارة، خاصة بعد ثورة 30 يونيو 2013.
وتصميم القيادة المصرية الجديدة على اختزال الوقت الضائع والغياب الطويل عن عمقها الأفريقى وهو ما حدث بالفعل وبشكل كبير وحضور لافت. جوهر القضية فى الزيارة كما ذكرت الكتابات الإسرائيلية والمتخصصون فى الشؤون الأفريقية فى وسائل الإعلام الغربية هو أن إسرائيل تريد العودة فى الوقت الراهن إلى القارة السمراء التى أدارت لها ظهرها بشكل فعلى فى السنوات الخيرة، والخشية من العودة القوية لمصر برصيدها التاريخى إلى القارة.
الخوف الإسرائيلى كان وراء الزيارة والتركيز على الجوانب الإنسانية فى الزيارة كان واضحا، خاصة إلى أوغندا والاحتفال بتحرير مطار عنتيبى بواسطة الكوماندوز الصهيونى فى بداية السبعينيات وتلويح نتنياهو بالمساعدات فى الزراعة والرى وتحلية المياه والاتصالات وبالاتفاقيات الأمنية كان واضحا فى اللقاءات، لذلك رافق نتنياهو فى هذه الرحلة اصطحب معه 80 رجل أعمال يمثلون 50 شركة إسرائيلية لتوقيع العقود فى مجالات متعددة.
أنا هنا لا أقلل من خطورة الزيارة الصهيونية لأفريقيا، ومحاولة «إسرائيل» العودة من جديد لدول القارة، وإنما الزيارة عكست القلق الصهيونى من التحرك المصرى.
هناك خطورة بالتأكيد من تداعيات الزيارة، فالصهاينة إذا دخلوا أفريقيا أفسدوها وأضروا بالمصالح المصرية، خاصة إلى دول حوض النيل مثل أوغندا وكينيا ورواندا وأوغندا، وفى هذا التوقيت البالغ الحساسية لمصر.
لا يمكن إنكار أن العلاقات المصرية الأفريقية تشهد كثافة فى التفاعل منذ ثورة 30 يونيو، مما يعكس التوجه الاستراتيجى المصرى تجاه القارة الأفريقية، والترحيب الأفريقى باستعادة الدور المصرى لحيويته فى القارة، استنادًا لمبادئ وحدة المصير والأهداف والمصالح المشتركة وعدم الإضرار بمصالح أى طرف، لتعود مصر وبقوة إلى الساحة الأفريقية، ولهذا رفض الاتحاد الأفريقى انضمام إسرائيل له رفضا قاطعا.
مصر تعى طبيعة هذه الزيارات الخبيثة ونواياها وأهدافها، وهناك ضرورة للاستمرار فى التركيز على الدائرة الأفريقية فى أولويات السياسة الخارجية المصرية. وهذه ليست مسؤولية وزارة الخارجية وحدها، بل مسؤولية الجميع بما فيها القوى الشعبية الناعمة. ولا ننسى الأثر الكبير والإيجابى لزيارة الدكتور مجدى يعقوب فى العام الماضى إلى رواندا وإجرائه عدد من عمليات القلب للأطفال هناك ومدى الترحيب بها.
نحن فى حاجة إلى مزيد من دعم العلاقات مع أفريقيا، خاصة مع دول حوض النيل لتفويت الفرصة على أية تحركات خبيثة لإسرائيل داخل دول القارة، والمسؤولية مشتركة للجميع وليست لوزارة بعينها.