نعم نحن فى زمن كريستيانو رونالدو، ولعل ما حدث أمس الأول فى المباراة النهائية التى جمعت بين فرنسا صاحبة الأرض والجمهور والتاريخ، كما يقولون، والبرتغال بلد المندهشة من وصولها للدور النهائى، يجعلنا نعرف ذلك وندركه تماما، فما حدث أول أمس ليس مجرد مباراة كرة قدم نهائية ممتلئة بالتحفز والتوتر والرغبة فى حمل الكأس الذى ظن الفرنسيون أنه إلى أيديهم أقرب، وظن البرتغاليون حتى الدقيقة 25 أن وصولهم للنهائى شىء عظيم ومشرف فى تاريخهم الكروى، لكن حدثت المفارقة، وهذه المرة حدثت بطريقة عكسية، لأنه عند هذه الدقيقة المهمة اختلف الأمر وخرج كريستيانو رونالدو من أرض الملعب مصابا ووجد اللاعبون البرتغاليون أنفسهم يفقدون روحهم فجأة ومثل طفل يتيم يجد نفسه فجأة بلا أب فتشتعل روحه بالحماسة ويقرر أن ينتصر فى الحياة.
ما حدث فى هذه المباراة النهائية يحب أن يقرأ جيدا فى وقت لم تعد كرة القدم مجرد لعبة ترفيهية أو تجارية أو غير ذلك، لكنها غدت أكثر من ذلك، وصارت كل مباراة بمثابة كتاب ممتلى بالمعانى، وصارت البطولات العالمية بمثابة نصوص تخضع للتحليل وتصلح للتعلم منها، الفرنسيون فشلوا فى استغلال الدقائق القليلة لخروج رونالدو، فالمفروض على فريق يفكر فى الفوز أن يحرز هدفا فى هذه الدقائق القليلة حتى يقضى نفسيا على فريق البرتغال ويجعله يشعر بأنه لا شىء بغير رونالدو، لكن الفريق الفرنسى لم يفعل ربما ثقة فى الفوز القادم فى أى وقت لا محالة ولو حدث وأحرزت فرنسا هدفا مبكرا، لانتهت هذه المباراة بثلاثة أهداف على الأقل لصالح الديوك الزرقاء، لكنه لم يحدث، ومع الوقت عادت الثقة للبرتغاليين ورأوا أنفسهم قادرين على الصمود مع الغياب الجسدى لدون الكرة العالمية، لكن فى قرارة أنفسهم كانوا يعرفون جيدا أنه ليس غائبا، فقط الكاميرا كانت عاجزة عن رؤيته، لكن فى داخل كل لاعب برتغالى كانت دموع كريستيانو بمثابة منبه يدعوه للقتال فى أرض الملعب.
كريستيانو رونالدو ليس أول لاعب يبكى فى الملعب ولن يكون الأخير وحتى على مستواه الشخصى لن تكون هذه المرة الأخيرة التى سنشاهد فيها دموعه، لكن هذه المرة مختلفة تماما، فالبكاء هنا كان يحيطه الصدق والرغبة الحقيقية فى تحقيق شيء وفى إدراك قيمة الذات، يريد أن يفعل شيئا لوطنه ولتاريخه الشخصى، هذه الدموع عرفت طريقها إلى عزيمة الجنود البرتغاليون فاستطاعوا إدارة المباراة والخروج بها إلى ما يتمنون ويبتغون.
كريستيانو رونالدو حكاية معتقة فى العالم أجمع عن الانتماء والمتعة والجمال وصناعة الذات، لذا كافأه العالم فى الليلة الأخيرة للبطولة فحمل كأسها وتردد اسمه ملايين المرات فى كل لغات العالم، ويكفى أنه فى الدقيقة 25 حبس العالم أنفاسه وردد» لا تخرج يا كريستيانو رونالدو».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة