أعيدوا قراءة التاريخ ففيه كل العبر
فى عام 1996 تولى بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة فى إسرائيل، كان عمره وقتئذ 47 عاما «مواليد 21 أكتوبر 1949».
فى نفس العام كان الرئيس حسنى مبارك يبلغ من العمر 68 عاما «مواليد 4 مايو 1928»، والعاهل الأردنى الملك حسين يبلغ 61 عاما «مواليد 14 نوفمبر 1935»، وياسر عرفات رئيس السلطة الفلسطينية 67 عاما «مواليد 4 أغسطس 1929».
فور أن تولى نتنياهو رئاسة الحكومة للمرة الأولى أعلن لاءاته لأى حلول عربية ودولية مقترحة، قال: «لا لحق العودة للفلسطينيين، لا للقدس عاصمة فلسطينية، لا لدولة فلسطينية على حدود الأرض المحتلة عام 1967، لا لأى مقررات دولية لصالح فلسطين، لا لأى شروط عربية مسبقة على المفاوضات، لا لوقف بناء المستوطنات وعلى الذين يطالبون بذلك أن يضربوا برؤوسهم فى الحيط، ولا لوقف هدم بيوت الفلسطينيين، ووقف لسفك دمائهم».
لم يتنازل نتنياهو عن أى شىء مما أعلنه طوال فترة الثلاث سنوات التى قضاها فى حكمه، الذى غادره عام 1999، تحدث عن أن من يريد السلام من العرب فليأتى على شروطه هو وفقط.
فى مواجهة هذه الحالة كان غضب القادة العرب متفاوتا فى حالته وتعبيره، وكان القادة الثلاث «مبارك وحسين وعرفات» الأكثر وجودا على الخط، ومن يعيد قراءة الصحف الصادرة وقتئذ سيجد كما هائلا من الهجوم والسباب والشتائم ضد نتنياهو، وانعقدت قمم ضمت الثلاثة لبحث كيفية التعامل مع هذا الرجل الذى فضح العجز العربى بتشدده هو، ولم يسفر الأمر عن شىء يذكر، وحين لم يستطع حزبه «الليكود» الحصول على الأغلبية فى انتخابات عام 1999، عبر هؤلاء القادة عن سعادتهم، وكأنهم حققوا انتصارا مبينا لمجرد أن هذا المتشدد لم ينجح، ووصل بؤس الحال العربى إلى حد أن هناك من تحدث عن تأثيره فى الداخل الإسرائيلى أسهم فى إسقاطه.
عاد نتنياهو إلى الحكم عام 2009، أى بعد 10 سنوات من تركه للحكم، وبعد إضافة 13 عاما أخرى لعمره أصبح ابن الـ60 عاما، وأهمية حساب العمر هنا، أنه فى حكمه للمرة الأولى أرجع البعض تشدده إلى أنه «طائش»، «متعجرف»، «أهوج»، «عديم الخبرة»، وقاد هذا الكلام إلى الاعتقاد بأن هذا الصهيونى يحتاج إلى سنوات أخرى حتى يتأهل، وحتى يصبح «حكيما» بما فيه الكفاية فيقبل السلام مع العرب بتنازله عن بعض شروطه، فهل حدث شىء من هذا؟ هل رأينا نتنياهو جديدا؟، وهل رأينا عربا جددا؟
الإجابة لا تحتاج إلى جهد، فلم يتنازل نتنياهو عن شىء من شروطه، وما طرحه فى عام 1996 هو نفس ما طرحه عام 2009 وهو نفس ما يطرحه الآن، ويزيد عليه أنه يواجه أى تنازل عربى جديد بالرفض، قائلا: «ليس هذا كافيا»، وبالتالى لم تكن حالته فى الماضى نتيجة أنه «أهوج»، «طائش»، «متعجرف»، «عديم الخبرة»، وإنما كانت تعبيرا أصيلا عن مشروع الصهيونية فى المنطقة، الذى يمضى فى مخططاته مع العرب وفقا لقاعدة: «إما نحن وإما هم»، ويغزى التاريخ بتخاريف من قبيل أنهم «بناة الأهرامات».
وفى مقابل التأكيد على أن الأيام أثبتت أن نتنياهو كما هو لم يتغير فى شىء، كانت الأوضاع العربية تتغير إلى الأسوأ وأكثرها وأقساها سوءا مسألة تجريف الذاكرة العربية وتشويه الحقائق التاريخية، وأهم هذه الحقائق أن إسرائيل كيان عنصرى استعمارى اقتلع شعبا من أرضه.
بدأ نتنياهو حكمه عام 1996، وها نحن فى عام 2016، وقبل أيام زاره وزير الخارجية سامح شكرى واجتمع به، فهل هناك جديد لصالح العرب يدفع إلى هذه الخطوة؟ أعيدوا قراءة التاريخ ففيه كل العبر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة