- انكسار الجيش التركى على أرضه سيقضى على أحلام «أردوغان» التوسعية
فى اعتقادى أن خسائر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان من تحرك الجيش لإزاحته عن مقاعد الحكم لا تعد ولا تحصى، أبرزها القضاء تمامًا على طموحاته التوسعية، وتهديد جيرانه اعتمادًا على الصورة الذهنية لقوة الجيش التركى، والتى استبدلت بها مساء أمس الأول صورة مشوهة وسلبية للغاية عن قوته، وهى الصورة التى وصلت لمحيطه الإقليمى، وحلف الناتو، بل إلى كل مكان فى العالم، وأن الجيش يحتاج لسنوات طويلة لعلاج جراحه، ولملمة جزء من كرامته وكبريائه المنهارين. أيضًا، ربما تتصاعد ضربات داعش بعنف فى كل مكان فى تركيا، خاصة أن الجيش التركى كان الأداة الرئيسية لمقاومة التنظيمات الإرهابية، والصورة السلبية التى ظهر عليها، والإهانة البالغة التى تعرض لها، سيكون لهما أثر بالغ السلبية على المواجهة، ويمكن أن تقولها بكل وضوح، إن أردوغان كسر جيشه على أرضه، ومن ثم دمر أبرز آليات مواجهة الإرهاب على أرض تركيا.
ويمكن تلخيص 10 وقائع ما بين خسائر أردوغان وتركيا، وما كشفت عنه من حقائق صادمة خلفتها تحركات الجيش:
الأولى: رسالة لكل جيران تركيا بأن الجيش التركى، أو ما يطلق عليه «ذئاب الأناضول»، انكسر على أرضه، وأصبح منقسمًا على نفسه إلى فرق وأسلحة، وهنا كارثة تضعفه فى حالة خوضه أى مواجهات عسكرية حتى ولو كانت مع ميليشيات مسلحة، وليست جيوشًا نظامية.
الثانية: ظهور الشرطة التركية أكثر قوة وسيطرة من الجيش، وهناك حالة عداء شديدة بين جناحى الأمن، قادة وزارة الداخلية وأفرادها، وقادة الجيش التركى وأفراده، وظهرت الشرطة التركية فى ثوب الحرس الثورى الإيرانى، حامية عرش الخليفة أردوغان، وعصاه الغليظة الباطشة التى تواجه أى تحرك من الشارع ضد حكومة حزب العدالة والتنمية.
الثالثة: الطريقة الوحشية التى تعاملت بها الشرطة التركية مع قيادات وضباط وجنود الجيش هدمت جدار الثقة تمامًا بين الجناحين، وتركت جرحًا غائرًا ينزف بغزارة ولن يلتئم بسهولة، ورسخ للعداء الشديد بين الطرفين.
الرابعة: حلف الناتو بقيادة أمريكا، وبالتعاون مع إسرائيل، لعب دورًا استخباراتيًا بارزًا لإنقاذ حكم أردوغان، حيث قدم كل المساعدات المعلوماتية المتعلقة بالذين تحركوا من الجيش.
الخامسة: اكتشاف ضعف وترهل الأجهزة الاستخباراتية والمعلوماتية التركية، وفشلها فى رصد تحركات واجتماعات قادة وضباط الجيش، وعدم اكتشاف ساعة الصفر لإزاحة أردوغان من الحكم.
السادسة: إن المنتصر الحقيقى فى هذه الأزمة، وبالترتيب، الإعلام الذى كان يطارده أردوغان كمطاردة ذبابة، حيث تبين له أن لولا الإعلام لاندثر حكمه للأبد، فقد استعان به لتوجيه رسائله للشعب التركى، والمنتصر الثانى هو المعارضة التركية التى رفضت تحرك الجيش، وساندت أردوغان، فكسبت موقفًا مهمًا سيزيد من شعبيتها فى الشارع، والمنتصر الثالث التنظيمات المتطرفة التى ستوسع من ضرباتها بعد انكسار الجيش، والرابع جيران تركيا الذين سينامون قريرى العين، بعد اندثار تهديدات أردوغان.
السابعة: كشفت أيضًا الأزمة التركية عن فكر أردوغان، ورجال حزبه فى الحكومة والبرلمان، وهى أن السلطة وما دونها الفوضى والدم، فلم يتورع الرجل الذى أدمن السلطة من أن يطالب الشعب بمواجهة دامية مع الجيش، كما طالب الشرطة بتصفية رجال الجيش، وإذلالهم بالركوع، وخلع الزى العسكرى، والبقاء بالملابس الداخلية، فى رسالة مذلة للعسكرية التركية، ستمتد آثارها السلبية لسنوات طويلة.
الثامنة: يستطيع أى مراقب عادى للأحداث أن يؤكد- وبكل ثقة- أن القلاقل والفوضى عرفت طريقها للشارع التركى، وأنها على شفا حرب أهلية ستقضى على الأخضر واليابس.
التاسعة: الاقتصاد التركى سيدفع الثمن باهظًا، وستنهار قطاعات حيوية مثل السياحة، وانعكاساتها السلبية للغاية على الشارع من زيادة فى البطالة، وارتفاع فى الأسعار، ونقص حاد فى السلع الجوهرية.
العاشرة: ما حدث فى تركيا رسخ ودعم كثيرًا ثورة 30 يونيو فى مصر، والتأكيد على أنها ثورة شعبية جامحة، وليست انقلابًا عسكريًا، ولولا خروج أكثر من 30 مليون مصرى للشارع، ما كان كتب للثورة أى نجاح، حتى ولو دعمها الجيش.
دروس عديدة، وشديدة الأهمية خلفتها تحركات الجيش التركى، ومحاولة إزاحة أردوغان وحزبه من مقاعد الحكم، جميعها تؤكد أن تركيا وأردوغان وحزب العدالة والتنمية قبل تحرك الجيش شىء، وبعد تحركه شىء آخر مغاير، نال من هيبة أردوغان، وأظهرت عمق الانقسامات والصراعات بين المؤسسات، وأن هناك مراكز قوى متناحرة، كما أظهرت ضعف الجيش وترهله، وما يستتبعه من مخاطر على الأمن القومى التركى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة