قانون الأعضاء والشرطة.. والمواطن لا
تصلح قصة النائبة زينب سالم، وضابط قسم مدينة نصر مثالا لحالة العبثية، تغيب فيها الحقيقة وتتغير حسب الهوى وحجج السلطة، ويتم التعامل بقبلية وشللية بعيدا عن القانون، يوم الجمعة أعلن نواب حالة الاستنفار، أن ضابطا ضرب النائبة زينب، وتوالت بيانات النواب تؤكد أن الضابط انهال ضربا على النائبة بلا سبب، القصة استفزت الناس، أدانوا الضابط وتعاطفوا مع النائبة قبل أى تحقيق، من جهتها أعلنت النائبة نادية هنرى تقديم استجواب لوزير الداخلية، وأنها جمعت توقيعات من نواب يساندون زميلتهم، ويؤكدون أن البرلمان خط أخمر، لم يسأل أى منهم نفسه ماذا حدث؟ ولم يرد ذكر لكلمة قانون أو تحقيق، وبدا نواب الشعب يساندون زميلتهم «عميانى» لأنها تنتمى لقبيلة النواب.انتهى الجزء الأول، وبدأت أجزاء أخرى من القصة تظهر أن «العضوة» ذهبت للقسم لتساند ابن اختها المحجوز فى مشاجرة، وأنها تعاملت بصلف وخشونة، ولوحت بأنها نائبة يجب أن تفتح لها الأبواب، وأن الأمر لم يتجاوز مناقشة حادة انتهت بأن استشاطت غضبا وأرسلت استغاثة على جروب «واتس آب» لمجلس النواب «إلحقونى»، وهو جروب مخصص للعمل فى مجلس النواب، وليس لجمع القبيلة البرلمانية، واستجاب النواب وبدأوا «هجوووم»، مدير الأمن يتوجه إلى القسم لترضية النائبة التى توجهت بدورها للمستشفى لتحرير تقرير طبى لزوم الحرب.
طبعا ضباط القسم بدأوا يتصرفوا كرد فعل، وسربوا فيديو تظهر فيه النائبة وهى تهدد الضباط، وتقول إنها ستقعدهم فى البيت، والضباط يسترضونها وهى تهاجم وتسب وتمارس عضويتها، وقال الضابط إنه هو من تم الاعتداء عليه من النائبة، طبعا شهادة كل طرف نصف الحقيقة، وهو دور النيابة، لكن الدوشة تسبق الحق.
وتبدو الحقيقة والقانون ضحايا، النواب ساندوا زميلتهم قبل أن يعرفوا الحقيقة، ولما عرفوا لم يتغير شىء، وتعاملوا على أنهم قبيلة، لم يتحدثوا عن القانون، والضباط الكبار أيضا تعاملوا باعتبار الأمر يتعلق بنائبة، تستحق الترضية بغض النظر عن الواقعة، أما لو كان مواطنا فلم يلتفت له أحد، ومثلما فعلت النائبة وسارعت للإعلام، سرب الضباط تقريرا عن سوابق للنائبة، فيه قضايا وأحكام لم يتأكد أحد من صحتها.
المهم أنه لم يرد ذكر للقانون وبدا الأمر نموذجا لاستغلال السلطة والنفوذ، وكل طرف يضع على رأسه ريشة، ولا نعرف ما هى حكاية الخط الأحمر التى يرفعها النواب وغيرهم عمال على بطال، يتعامل كل صاحب سلطة على أنه فوق الجميع، بينما لا يفترض أن يكون هناك خط أحمر غير القانون، وحساب كل من يسىء استعماله، نائبا أو ضابطا أو مواطنا، بعيدا عن مكان الريشة من نفوذ كل طرف، ولا تزال الريشة مستمرة.