مجازر «الموريسكيون» تتشابه مع مجازر الفلسطينيين الآن
«الموريسكيون» هذا الاسم الذى سيظل ينزف دما كلما فتحنا التاريخ الأسود للإسبان والمجازر التى ارتكبت ضد المسلمين فى بلاد الأندلس التى سقطت مع طرد آخر ملوكها عبد الله الأحمر، وكتبت الكثير من الأبحاث عن ماسى هؤلاء «الموريسكيين»، واليوم نواصل نشر البحث الرائع للباحث خليل إبراهيم السامرائى حوول هؤلاء الموريسكيين، خاصة أن ماحدث لهم يتشابه إلى حد كبير مع المجازر التى يتعرض لها الفلسطنيون الآن على يد العدو الإسرائيلى.
يقول السامرائى فى بحثه عن آخر سلالة المسلمين فى الأندلس، حيث يقول: كانت صدور المسلمين تغلى كالمراجل نتيجة نقض الإسبان لعهودهم ومواثيقهم وتفجرت ثورتهم عندما اعتدى أحد رجال الشرطة وخادم للأب خمنيس على فتاة مسلمة فى حى البيازين فى غرناطة، فهاجموا المعتدين، ففر الخادم وقبضوا على رجل الشرطة فقتلوه. ومن ثم سارت جموع الثوار إلى دار الأب خمنيس الواقع قرب قصر الحمراء للقضاء عليه، لعلمهم بأن هذه الحادثة هى من تخطيطه، واختار الثوار أربعين رجلًا منهم يمثلون حكومة موريسكية مستقلة عن الإسبان.
احتمى خمنيس فى بيت حاكم مدينة غرناطة الإسبانى «الكونت دى تنديا»، مستغلًا المحبة والاحترام بين هذا الحاكم والموريسكيين. أغلق الثوار الطرقات أمام الحملات العسكرية التى أرسلتها السلطات ورموها بالحجارة، واستنجدت السلطات بمطران غرناطة «الأب تالا فيرا» الذى يحظى باحترام الموريسكيين فهدأ من ثورة الموريسكيين واقتنعت حكومتهم بأقواله التى لا تعدو مجرد الوعود، لأن مطران غرناطة وغيره يعملون أولًا وآخرًا لصالح المسيحية والممالك الإسبانية.
حاولت السلطات تهدئة أهالى حى البيازين بأساليب ماكرة، منتظرة الفرصة الملائمة للقضاء عليهم، وفى الوقت نفسه هربت حكومة الموريسكيين «حكومة الأربعين» من غرناطة إلى إقليم البشرات خشية التنكيل بهم أو ملاحقتهم من قبل السلطات. وبعد إخماد هذه الثورة عام 904هـ/1499م قرر ملك غرناطة الإسبانى تأسيس محاكم التفتيش فى غرناطة، التى تتبعت المسلمين بالتعميد، كما منعت أى موريسكى من الدخول إلى غرناطة حتى لا يختلط بأهلها فيثير فيهم روح الثورة، كما حُرم على المسلمين اللجوء إلى الكنائس لعلها تخفف عنهم عقوبة الإعدام.
ولم يبق أمام هؤلاء الموريسكيين سوى اللجوء إلى المعاقل المنيعة فى رؤوس الجبال، ومن هناك يشنون الغارات على القوات الإسبانية التى كانت تلاحقهم باستمرار وتبيد مجموعات كبيرة منهم، إضافة إلى ذلك أصدر الملكان فى 906هـ/20 يوليو 1501م أمرًا يحرم على الموريسكيين ممارسة أى عمل يمت إلى عقيدتهم ولغتهم بصلة، مما دفع الكثير من الموريسكيين إلى الالتحاق بإخوانهم فى رؤوس الجبال.
كان من نتائج ثورة الموريسكيين فى محلة البيازين فى غرناطة، أن ثار إخوانهم فى منطقة البشرات الواقعة فى جنوبى غرناطة. فأرسلت الحكومة الإسبانية حملة عسكرية للقضاء على هذه الثورة، قادها «الكونت تنديا» القائد الذى قام بالدور نفسه فى ثورة البيازين - وغيره، ففى طريقها كانت تمر على القرى فتجدها مقفرة من رجالها الأشداء الذين التحقوا بثوار البشرات، فتحرق القرى بعد قتل النساء والأطفال والشيوخ. ولحق بهذه الحملة الملك الإسبانى فردينداد وبعض قواده، الذين احتلوا بعض القرى والحصون فى الطريق مثل «وادى لكوين» ومدينة «لانخرون» و«لوشار» و«قونقه» و«اندرش»، ولقيت الحملة الإسبانية مقاومة عنيفة من الموريسكيين الذين دافعوا عن مدنهم ببسالة. ومن مدينة المرية خرجت حملة إسبانية أخرى تجاه البشرات، فأوقعت هذه الحملات الخسائر الكثيرة بالموريسكيين وأخذت الكثير منهم كرهائن. وفى عام 907هـ/ 1502 م كانت الثورات قد أُخمدت عمومًا فى جميع أراضى البشرات وما جاورها، واضطهد الإسبان الموريسكيين اضطهادًا لا نظير له، فنسفوا مساجدهم، وقتلوا نساءهم وأطفالهم وتعرضوا لحرب إبادة مكشوفة.. وللحديث بقية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة