وائل السمرى

تركيا ليست واحدة

الثلاثاء، 19 يوليو 2016 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أردوغانية وجولونية وكمالية



كان لافتا بحسب تقرير موقع هيئة الإذعة البريطانية الـ«بى بى سى» عمن يقف وراء انقلاب تركيا، الذى لم يعطنا إجابات شافية، أن نرى إبرازا واضحا لبعض المصطلحات المشتركة بين فترة «حكم المرشد» فى مصر، وحكم أردوغان فى تركيا، فالمنبع واحد، والأفرع متعددة، لكن اللافت فى الأمر هو كيفية تفكير هؤلاء البشر التى تدلك على ما يعانون منه من مشكلات نفسية متعددة، تنصب فى النهاية على متابعيهم ومناصريهم، وفى النهاية يجد الواحد نفسه فى حلقة كبيرة وممتدة الجنون.

ما زال الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، يتحدث عن الدولة العميقة فى تركيا متهما إياها بأنها هى التى تقف وراء إخفاقاته، وهو الذى جثم على الشعب التركى فى الحكم سنوات متعددة، استطاع خلالها أن يشترى الأنصار ويعصف بالخصوم ويرتب الملفات، وما زال أيضا يتحدث عن المؤامرة الكونية على تركيا، وهو العضو بحلف شمال الأطلسى «الناتو» والزاحف على يديه وقدميه من أجل أن تحصل على عضوية الاتحاد الأوروبى، والحليف الإقليمى الأول لإسرائيل.

مع كل هذا لا يجب أن ننكر أن السياسة «لعبة قذرة» وليس بمقدور أحد أن يقول للرابحين فى ماراثون السياسية: إن هذا ليس مناسبا أو أنكم تضللون شعوبكم أو أن هذه اللعبة ليست شريفة، فالسياسيون فى مجملهم حفنة من المضللين الذين لا يتورعون عن فعل أى شىء من أجل تجنب الخسارة وضمان المكسب، ولهذا يبدو النظر إلى ما هو متحقق بالفعل فى ميدان السياسة أجدى من النظر إلى زيف الخطاب السياسى، خاصة إن كانت الأجواء فى أوج التهابها مثلما هو واقع فى تركيا التى كشف الانقلاب الأخير عما تعانيه من تشرذم حقيقى، أدى إلى قيام بعض قيادات الجيش والضباط والجنود إلى محاولة يائسة لتغيير نظام الحكم بالقوة، ولنا أن نتخيل شعور ضابط أو جندى يقدم على فعل مثل هذه الفعلة، وهو يعلم أن الموت فى انتظاره إن فشل، وأن الموت أيضا ليس ببعيد حتى وإن «نجح» فأى يأس قد يدفع الواحد إلى الإقدام على مثل هذه الأفعال؟

ما يحدث فى تركيا أكد بما لا يسمح للشك بالحضور أن تركيا ليست واحدة، وأن جيش تركيا ليس جيشا واحدا كما يدعى «أردوغان»، ولكنها عدة جيوش متنازعة، يطفو النزاع أحيانا ويخبو فى أحيان أخرى، لكنه لا يختفى أبدا، وما اتهامات أردوغان للسياسى التركى المنفى «فتح الله جولن» بأنه يقف وراء هذا الانقلاب إلا تأكيدا من أعلى رأس فى تركيا على قوة «جولن» وتوغله فى داخل المؤسسة الأصلب من بين مؤسسات تركيا، فجيش أردوغان وقواته الخاصة فى جانب، وجيش جولن ومخابراته السرية فى جانب آخر، وفى الخفاء يقف «الكماليون» أتباع المذهب العلمانى، الذى أسسه مؤسس تركيا الحديثة «كمال أتاتورك»، وهو يراقب هذا الصراع (الإسلامى الإسلامى) ما بين جولن وأردوغان، وربما هذا الانتظار ذا أهداف استراتيجية، وهو أيضا أمر لا يخفى على أردوغان الذى وضع تركيا فى مهب الأجواء غير المتوقعة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة