سعيد الشحات يكتب.. «سعيد باشا» يقرر جعل «العربية» لغة جهاز الدولة

الثلاثاء، 19 يوليو 2016 10:11 ص
سعيد الشحات يكتب.. «سعيد باشا» يقرر جعل «العربية» لغة جهاز الدولة سعيد باشا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نقلاً عن اليومى..


لم يكن محمد على باشا حين قدم إلى مصر عام 1801 يعرف لغة أخرى غير اللغة التركية، وكذلك الجيل الأول من أسرته، حسبما يؤكد أكمل الدين إحسان أوغلى فى كتابه «الأتراك فى مصر» عن «دار الشروق - القاهرة»: «نالوا قسطًا متوسطًا من الثقافة العثمانية فى بلدة قولة «ألبانيا»، ثم جاءوا إلى مصر على هذه الحال واستوطنوها، غير أن الباشا لم يكتف بذلك الإطار الثقافى المحدود مع النفوذ القوى الذى بناه، والغنى والثراء الذى أحرزه فى مصر، بعد أن تولى حكمها فى مايو 1805، فقام أولًا بالارتقاء بنفسه ثقافيًا، وعمل فى الوقت نفسه على تهيئة المناخ المناسب لتربية أبناء عائلته على ثقافة عثمانية رفيعة، وإلى جانب ذلك فقد كان هو المحرك لإحياء تلك الثقافة فى مصر، ونقلها إلى زمرة الإداريين الجدد الذين خرجوا من بين الأهالى، وإلى الطبقة الأرستقراطية الجديدة التى ظهرت نتيجة لحركة التحديث، وحقق نجاحًا كبيرًا فى ذلك أيضًا، ويكون بهذا قد عزز وجود الثقافة التركية العثمانية فى مصر، ودعم نشرها بصورة لم يسبق لها مثيل منذ الفتح العثمانى عام 1517 وحتى بداية ولايته.

كان الجهاز الإدارى القوى الذى شكله محمد على يتشكل فى كل أعضائه من المتحدثين باللغة التركية، ووفقًا لـ«أوغلى» فإنه مع مرور الوقت كانت الضرورة تقضى باتساع الجيش والجهاز الإدارى، وكان ذلك ممكنًا باشتراك الطلاب الدارسين من الأهالى ممن يتحدثون اللغة العربية، ولهذا السبب أيضًا كانت هناك ضرورة من الناحية الإدارية فى ازدواج لغة الجهاز الإدارى، فقد كانت آلية القرار تتشكل باستمرار باللغة التركية، أما عند مرحلة التنفيذ فالتعليمات الصادرة من القمة يجرى إعدادها بالتركية، ثم تترجم إلى اللغة العربية، حتى يتيسر تطبيقها ومخاطبتها لجموع الأهالى، وكانت المكانة العليا للغة التركية التى هى اللغة الفعلية لحكام البلاد منذ عهد طويل، وأدى استخدام اللغتين بشكل رسمى مع مرور الوقت إلى تأثر إحداهما بالأخرى، فانتقلت بينهما بأعداد كبيرة من الكلمات والتعابير والمصطلحات».

رحل محمد على يوم 2 مارس 1848، وتولى عباس باشا الحكم، ولم يطرأ فى عهده تغيير كبير فى مسألة ازدواجية اللغتين، «التركية والعربية، فى الجهاز الإدارى للدولة، وبعد رحيله بمقتله فى قصره بمدينة بنها، عاصمة محافظة القليوبية، يوم 13 يوليو 1854 تولى عمه سعيد باشا الحكم، ومعه حدث التغيير فى القصة.

يشير «أوغلى» إلى أنه فى عهد سعيد باشا تضاعف وجود الفرنسيين فى مصر، إذ كان الوالى شغوفًا بالثقافة الفرنسية، وكان النفوذ الفرنسى آخذًا فى التنامى فى جوانب متعددة، وحظيت اللغة الفرنسية باهتمام كبير بالمقارنة مع ما كانت عليه من قبل، وأخذت بعض أفرع القانون الفرنسى مكانها فى التشريع إلى جانب نظام الحقوق العثمانى، وبهذا تحولت الفرنسية إلى اللغة الرسمية الثالثة.

وتقرر الجمع بين اللغتين التركية والعربية فى الإدارة، لأن غالبية الأهالى تتحدث العربية، ولإتاحة الفرصة أمام المحاكم للعمل بشكل أفضل، ولكن ذلك أدى إلى ظهور فوضى قانونية، إذ حاول بعض المستغلين الاستفادة من ذلك الوضع، فكانوا إذا أرادوا تغيير حكم محكمة فى أيديهم بإحدى اللغتين توجهوا إلى محكمة أخرى تستخدم اللغة الثانية، وطلبوا منها تصحيح الحكم من جديد، ولأجل هذا تقرر قصر اللغة فى المحاكم على «العربية»، للحيلولة دون استشراء ذلك النوع من الحيل القانونية. ويؤكد الدكتور زين العابدين شمس الدين نجم فى كتابه «مصر فى عهدى عباس وسعيد» عن «دار الشروق - القاهرة»، أن سعيد باشا أصدر أمرًا فى يونيو 1857 بأن تكون الكتابة باللغة العربية فى دواوين الأقاليم وسائر المحافظات والمديريات، وفى 19 يوليو «مثل هذا اليوم» عام 1858 أصدر أمرًا إلى مجلس الأحكام بأن تكون جميع المخاطبات فيما بين الدواوين والمديريات، والخاصة بالحسابات والإدارة والقضاء باللغة العربية، وحتى المكاتبات التى تتطلب العرض على الوالى أيضًا، مع ترجمة المكاتبات التركية إلى العربية، كما أن «خلاصات المجلس الخصوصى ومخاطباته التى كانت تتم باللغة التركية تكون باللغة العربية».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة