ماذا حدث لثورة 25 يناير؟، سؤال مهم جعله الكاتب المرموق الدكتور وحيد عبدالمجيد عنوانا لأحدث كتبه، ولأن 25 يناير «ثورة نبيلة فتحت أبواب الأمل التى أغلقت طويلا أمام ملايين المصريين، ومثلت مع نظيرتها التونسية مصدر إلهام للعالم»، فإن السؤال حول ما حدث لها يؤسس لمستقبل نبحث عنه، ويبحث عنه قطاعات متزايدة من الشباب الذين فتحت هذه الثورة أبواب المستقبل أمامهم.
ولأن ثورة 25 يناير مثلت مصدر إلهام للعالم، فإنه من المنطقى أن فشلها فى تحقيق أهدافها يؤدى إلى مزيد من إحباط ويأس الشباب الذين شاركوا فيها وكانوا وقودها الحقيقى، ويرى عبدالمجيد، أن هذا اليأس يأتى: «نتيجة ضعف الوعى بحركية «ديناميكية» التغيير حين يحدث عبر ثورة شعبية تلقائية بلا قيادة أو تنظيم.
يضع وحيد عبدالمجيد قاعدة مهمة فى مقدمة كتابه لفهم ما يحدث مع ثورة 25 يناير وهى: «القاعدة العامة فى هذا النوع من التغيير هى أنه ينتج عن تراكم تاريخى، ويتعثر غالبا فى بدايته، ويمر فى مراحل مد وجزر متعددة، وحين لا نفهم «25 يناير» على هذا الأساس، تبدو لنا كما لو أنها كانت حلما ربيعيا استيقظ الحالمون به محبطين لتحوله فى كثير من جوانبه إلى ما يشبه الكابوس».
جاءت ثورة 25 يناير كنتيجة طبيعية لبلوغ الاستهانة بكرامة المصريين مبلغا هائلا، ووصول الفساد والظلم إلى مستوى غير مسبوق، وتفجرت الثورة بدون أى تخطيط مسبق، إذ تحولت المظاهرات التى بدأت محدودة إلى ثورة عارمة، وبعد أن كانت المطالب محدودة متمثلة فى إلغاء العمل بحالة الطوارئ وعزل وزير الداخلية، ارتفع السقف إلى مطلب إسقاط الرئيس الذى لم تكفه 30 عاما فى السلطة.
تعثرت الثورة، ويرى عبدالمجيد، أن هذا كان طبيعيا لأنه لا أحد ممن شاركوا فيها كان مستعدا لها، كما أن تخبط مسارها هو نتيجة طبيعية لتجفيف منابع السياسة وتجريف الاقتصاد والمجتمع على مدى عقود، ولأن الحال كان هكذا: «لم يكن غريبا أن تتصدر جماعة الإخوان المشهد اعتمادا على تنظيمها الكبير الذى كان وحده قادرا على ملأ الفراغ بعد أن أتاحت لها صفقات عدة مع نظام حسنى مبارك، ومن قبله أنور السادات تغلغلا فى المجتمع جعلها الأقوى فى الساحة، وزين لقيادتها القفز على الثورة.
تصدت القوى المدنية لجماعة الإخوان وسطوها على ثورة 25 يناير، وتشكلت جبهة الإنقاذ الوطنى كمعارضة قوية، غير أن القوى الديمقراطية لم تنبته أثناء انغماسها فى هذه المواجهة إلى عواقب مشاركة القوى المضادة لثورة 25 يناير فى «30 يونيو»، وبالرغم من أن هؤلاء أجادوا التمويه فى أداء تمثيلى بارع وذلك بإشادتهم الدائمة بالثورة، إلا أنهم وبعد 30 يونيو أعادوا تشكيل شبكات مصالحهم وشنوا هجوما كاسحا ضد 25 يناير استهدف تشويهها.
لا يحمل عبدالمجيد مسؤولية عدم تحقيق أهداف ثورة 25 يناير على القوى المضادة لها وفقط، وإنما يرصد أخطاء القوى الديمقراطية، ويحددها فى «أنها بقيت أسيرة أيديلوجياتها الضيقة وهونت من شأن القوى المضادة للثورة، واكتفت بترديد ادعاء تمثيلها للشعب دون أن تبذل جهدا كافيا للمحافظة على التفاف قطاعات شعبية واسعة حولها فى الأسابيع التى أعقبت تأسيس جبهة الإنقاذ الوطنى فى 22 نوفمبر 2012، كما انغمست فى الأحداث اليومية من دون بلورة رؤية أبعد، ولذلك لم تجد قوى الثورة المضادة صعوبة فى إعادة تنظيم نفسها اعتمادا على إمكاناتها المالية الهائلة ونفوذها المتراكم عبر عقود فى بعض أجهزة السلطة العميقة، والصعود بسرعة إلى صدارة المشهد للمرة الأولى منذ تلك الثورة.
يتبع
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة