نقلاً عن اليومى..
مع ارتفاع قيمة الفجوة التمويلية فى الموازنة العامة للدولة خلال السنة المالية الحالية 2016 – 2017، لتصل إلى نحو 10 مليارات دولار، ومع التحديات التى تواجه الاستثمار فى مصر خلال الفترة الحالية، إلى جانب تأخر خطوة إجراءات إصدار سندات دولية بقيمة 3 مليارات دولار لأكثر من مرة، مع حالة «عدم التيقن» التى تشهدها أسواق المال الدولية، واشتداد أزمة العملة فى مصر.. كلها مؤشرات تصب فى اتجاه تقدم مصر نحو الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى.
ومن المقرر أن يترأس طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، بعثة مصر أمام الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولى والبنك الدولى، التى سوف تبدأ أوائل أكتوبر المقبل، فى العاصمة الأمريكية واشنطن، بحضور أعضاء بعثة مصر، المتمثلة فى الدكتور عمرو الجارحى، وزير المالية، والدكتورة سحر نصر، وزير التعاون الدولى، والعديد من قادة الاقتصاد ومحافظى البنوك العالمية.
وتشير التوقعات الحالية إلى تقدم مصر رسميًّا خلال الاجتماعات السنوية المرتقبة، للحصول على قرض صندوق النقد الدولى، بقيمة تتراوح بين 5 و7 مليارات دولار، لدعم أرصدة الاحتياطى الأجنبى والمساهمة فى علاج أزمة الدولار، وشهادة الثقة التى سوف تمنحها للاقتصاد المصرى، والتى سوف تسهم فى جذب استثمارات أجنبية، خاصة مع وجود إشارات ترسلها مجموعة من مسؤولى الحكومة المصرية مفادها أن الاقتراض والتعاون مع المؤسسات المالية الدولية، غير مستبعد، ويحتاج إلى القرار والتوقيت المناسبين لاتخاذ الخطوة.
وجاءت خطوة البنك المركزى بخفض سعر الجنيه أمام الدولار، بـ105 قروش منتصف شهر مارس الماضى، ليصبح سعر العملة الأمريكية لأول مرة 888 قرشًا فى البنوك، والتوقعات بخطوة جديدة بالخفض خلال الفترة المقبلة، ليعزز نية مصر الاقتراض من المؤسسة الدولية، خاصة مع إجراءات إعادة هيكلة الدعم، ووصول الدعم إلى الفئات والشرائح الأشد احتياجًا.
وتعد الاجتماعات المقررة لمسؤولى الحكومة المصرية فى واشنطن فى أكتوبر المقبل، ذات أهمية كبرى، لطمأنة المجتمع الاستثمارى العالمى ومسؤولى الدول والمؤسسات الدولية للخطوات التى شرعت فى تنفيذها مصر، الخاصة بإصلاح الاقتصاد وتهيئة المناخ الجاذب لتدفقات رؤوس الأموال، وشرح الخريطة الاستثمارية لمصر حاليًا.
وتتمثل الـ3 شروط الرئيسية للحصول على قرض صندوق النقد الدولى فى تحرير سعر صرف العملة المحلية ورفع يد البنك المركزى فى التدخل فى سوق الصرف، إلى جانب إصلاح منظومة دعم الطاقة والغذاء، بالإضافة إلى الإصلاحات الهيكلية فى الاقتصاد وأهمها تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وخفض العجز فى الموازنة العامة للدولة، الذى من المتوقع أن يصل إلى 322 مليار جنيه، بنهاية السنة المالية الحالية 2016 – 2017.
وتعد مهمة إدارة البنك المركزى للاحتياطى من النقد الأجنبى الذى تبلغ أرصدته 17.5 مليار دولار بنهاية يونيو الماضى، أبرز التحديات فى ظل تراجع الموارد الرئيسية للعملة الصعبة، وأن البنك المركزى غير مسؤول مباشرة عن توفير النقد الأجنبى عبر تلك الموارد، ولكن هو يديرها فقط.
ولعل الموازنة العامة للدولة للعام المالى الجديد، الذى بدأ قبل أيام مع بداية السنة المالية الجديدة 2016/2017، هى الأضخم فى تاريخ مصر من حيث حجم الإنفاق والإيرادات المتوقعة، وقيمة العجز بين الإيرادات والمصروفات الحكومية، وخدمة الدين، ومن الضرورى أن تضع الحكومة من الآليات التى تعمل على خفض نسبة الدين العام من مستواه الحالى البالغ %98 من الناتج المحلى الإجمالى، إلى %85 خلال سنوات قليلة.
ومن الضرورى أن تتخذ وزارة المالية، المسؤولة عن رسم وتنفيذ السياسة المالية للدولة، من الإجراءات التنفيذية الكفيلة بالتعامل مع الأرقام المقلقة الخاصة بالموازنة العامة التى تتوقع إيرادات بنحو 670 مليار جنيه، ومصروفات 975 مليار جنيه، نسبة عجز فى الموازنة العامة للدولة بـ305 مليارات جنيه، وحجم الناتج المحلى الإجمالى من المتوقع أن يصل إلى 3,2 تريليون «ألف مليار» جنيه، بنهاية العام المالى الجارى 2016 - 2017، وبند الأجور والتعويضات للعاملين بالدولة سجل 229 مليار جنيه، ووصل حجم الدعم إلى 206 مليارات جنيه، وفوائد وخدمة الدين 292.5 مليار جنيه.
والخطوة المهمة الملحة أمام الحكومة والبنك المركزى المصرى حاليًا، تتمثل فى التعامل مع الآثار التضخمية، ارتفاع أسعار السلع والخدمات، التى وصلت الشهر الماضى إلى %14.8، وهى التكلفة الكبرى الحالية التى يتحملها المواطن المصرى، خاصة مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة خلال شهور قليلة، والآثار الناتجة عن خفض الجنيه المصرى، وفى ظل أن مصر تعد دولة مستوردة بالأساس للمواد الغذائية والبترولية.
وتتمثل مصادر العملة الصعبة ذات الأهمية للبلاد، فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإيرادات قطاع السياحة ورسوم عبور قناة السويس، وتحويلات العاملين المصريين بالخارج، وإيرادات الصادرات، إلى جانب المساعدات والمنح والودائع التى دعمت أرصدة الاحتياطى الأجنبى خلال الفترة الماضية، وبعض تلك القطاعات تأثرت بالفعل على مدى السنوات الـ5 الماضية نتيجة الاضطرابات، خاصة قطاعى الاستثمارات والسياحة.
وسوف يسهم الحصول على قرض صندوق النقد الدولى فى تعزيز أرصدة الاحتياطى بشكل عاجل، فى ظل تراجع الدعم الخليجى لمصر نظرًا لانخفاض أسعار البترول عالميًا وأثره على منطقة الخليج، إلى جانب منح مصر شهادة ثقة فى الإجراءات الإصلاحية التى تتخذها وتعكف عليها. ويعد قرار مصر بطلب قرض من صندوق النقد الدولى، محل دراسة متأنية من الحكومات المتعاقبة بعد ثورة يناير 2011، والتوقيت المناسب لهذا القرض هو أساس التقدم بهذا الطلب بعد إجراء مصر حزمة إجراءات إصلاحية أهمها إعادة هيكلة دعم الطاقة وتخلى البنك المركزى المصرى عن سياسة دعم العملة المحلية، خاصة مع تأكيد كريستين لاجارد، مديرة صندوق النقد الدولى، أن مصر من الدول المؤسسة للصندوق وسوف تتلقى دعمًا كاملًا.
موضوعات متعلقة..
- محلل: البورصة تتحرك فى نطاق ضيق بين 7550-7650 نقطة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة