ما الذى يحدث فى محافظة المنيا؟ وكيف لهذه المحافظة المهمة أن تدخل دائرة الفتنة بهذه السهولة ويتم تداولها فى الأخبار فى قسم الحوادث وبعد أن كانت عروس النيل تتحول بين عشية وضحاها إلى بلد ممتلئة بالعنف؟ وهل أصبح أمر الخلاف بين الأخوة مسلمين ومسيحيين سهلا ينتقل بين قرية وأخرى وكأنه عدوى «بكاء» حدثت بين قوم يجلسون فى مأتم، ونحن منقسمون بين مشاهد ومستعجب ومزايد ومنكر؟ لكن لا أحد يتحرك خطوة واحدة لوقف هذه المأساة التى لو واصلت استمرارها ستأكل الأخضر واليابس فى مصر كلها وليس فى محافظة المنيا فقط.
الأمر لا يحتاج تخفيفا ولا تصعيدا، بل يحتاج معالجة ويحتاج رجالا ذوى «حيثية»، على أن يكونوا سليمى القلب والنية يتدخلون لوضع حد لهذه التصرفات الحمقاء التى يبدو أن مرتكبيها لا يعرفون جيدا مدى الورطة الذين سقطوا فيها، لقد تجاوز الأمر الطبيعى منه، ولعل قراءة بسيطة لعدد الحوادث العنيفة التى حدثت داخل هذه المدينة وقراها خلال شهر واحد وبلا سبب تقريبا أو لأسباب تافهة، معظمها أشياء لا علاقة لها بالدين لكنها تلبس ثوب الدين وتطيح فى الجميع، تكشف لنا مدى الهشاشة الذى أصبحنا نعانى منها.
6 حوادث فى فترة قصيرة بقرى لم نكن نسمع عنها أو نعرفها توالت كأنها توابع زلزال جارف لا يعلم نهايته إلا الله، ثم يخرج علينا المسؤولون ليطالبوا بلجنة تنبثق عن لجنة إلى آخرى، لدراسة الموقف والتعرف على ظروفه وحيثياته، ويصرحون بتصريحات ليس أغربها ما قالته النائبة هبة هجرس، وكيل لجنة التضامن الاجتماعى فى البرلمان، بأن ما يحدث فى المنيا نتيجة وجود حساسية بين المسلمين والأقباط هناك، جملة غامضة لا تحمل جديدا ولا تقدم حلا.
هناك أخطاء كثيرة فى معالجة هذه الأزمة يأتى فى مقدمتها أن البرلمان بكل قدره وقيمته لا يحمل حلا سوى زيارة الأماكن التى أصابتها اللعنة، والاكتفاء بالتقاط الصور بين المسلمين والمسيحيين والجميع مبتسم ومتطلع إلى الكاميرا، والأخطر يكمن فيما يسمى بـ«الجلسات العرفية» التى فقدت دورها تماما، وأصبحت مجرد اجتماعات ليس لها قيمة حقيقية على الأرض كما أنها تأخذ مكان القانون وتستولى على بنوده، عادة ما يكون فى هذه الجلسات سعى للصلح دون معاقبة المخطئ وهنا يكمن الخطر، لأن العقاب يجب أن يكون جزءا أساسيا للحل، شريطة أن من يقوم بتنفيذ العقاب هو الدولة متمثلة فى القانون وليس أصحاب المصلحة من الطرفين «الظالم والمظلوم».
المنيا تستحق منا أن نبذل مجهودا أكبر من ذلك حتى لا تشمل الورطة الجميع ونجد أنفسنا بين ليلة وضحاها نطعن أنفسنا ونضرم النار فى بيوتنا، ثم نندم حيث لا ينفع الندم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة