قال الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء، ردا على واقعة زواج طفلين بمحافظة الدقهلية، أن لاختلاف الزمان والأحوال والطبائع دورا كبيرا فى قضية الزواج وكذلك الخطبة، وينبغي فى هذا الموضوع أن نراعى متطلبات الزمان والمكان، ولا يصح التحجج بنصوص شرعية أو وقائع تاريخية بعيدة عن سياقاتها.
وتابع الدكتور عمران: أصبح عصرنا الذى نعيش فيه يفرض على الرجل والمرأة تكاليف ومسئوليات ليتم لهما بناء أسرة قوية سعيدة تعيش زمانها، وتراعى قيمنا على حد سواء؛ ولذلك اتجه المشرع القانونى فى مصر إلى تحديد سن الزواج- كما اتجه إلى تحديد سن الرشد فى المعاملات المالية- لما فى مخالفة ذلك من الأضرار الاجتماعية والنفسية على الشاب والفتاة على حد السواء؛ لأن فتح الباب على مصراعيه دون ضوابط هو نوع من إلقاء النفس إلى التهلكة النفسية والاجتماعية وأضرار ذلك معلومة مشهودة، وقد حذرنا القرآن من ذلك فى قوله تعالى فى سورة البقرة {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} .
وأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء فى تصريحات لـ"اليوم السابع": لابد أن يحترم رأى أهل الاختصاص من القانونين والاجتماعيين والأطباء الذين يحددون سن الزواج فى ضوء الضروريات العلمية والاجتماعية؛ فليست التصرفات التى ينبنى عليها أمر الأسرة بأقل شأنا من التصرفات المالية.
وتابع: الزواج –حقا-هو طريق العفة عن الحرام والسبيل إلى بناء الأسرة، ولذلك أحيط بمجموعة من الضوابط التى منها أهلية الرجل والمرأة للزواج، وهو معنى الاستطاعة التى ينبه عليها حديث "مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ...الحديث"؛ فالرسول الكريم اشترط الاستطاعة على من يفكر فى الإقدام على الزواج، ولا شك أن الزواج يتطلب النضج العقلى والجسدى، والواقع يؤيد ذلك.
واستطرد: كثير من الزيجات التى انتهت بالطلاق كان بسبب عدم نضوج كلا الزوجين، أو أحدهما، وقد حرصت الشريعة الإسلامية على تقوية الرابطة الاجتماعية بين الزوجين من بادئ الأمر، وعلى نزع أسباب التنافر والتنازع التى يمكن أن تنشب بينهما فيما بعد، فدعت كلا الزوجين للتأنى عند اختيار الطرف الآخر، وكيف لمن يتزوج وهو مازال فى سن الطفولة أو بدايات سن المراهقة، أن يتحمل عبء بناء أسرة أو الاختيار الرشيد، وهم أنفسهم فى أشد الحاجة لمن يقومهم، ويرشدهم إلى الاتجاه الصحيح، وقال رسول الله - صلى الله عليه وآلة وسلم -: «كلكم راعٍ، وكلكم مسئولٌ عن رعيته، الإمام راعٍ ومسئولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ فى أهله وهو مسئولٌ عن رعيته، والمرأة راعيةٌ فى بيت زوجها ومسئولةٌ عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده ومسئولٌ عن رعيته» رواه البخاري.
وأضاف: ولا يصح في هذا السياق الاستدلال بتزوج النبى صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة وهى صغيرة، حيث ننبه إلى ضرورة وضع اختلاف طبائع البيئات فى الاعتبار؛ فلا يجوز تطبيق أعراف وعادات العصر القديم على العصر الحديث، مع إهدار الفارق الكبير الحاصل بفعل الزمان، وعدم إدراك الفوارق التى فطر الله الناس عليها من الاختلاف فى هيئة البنية، وحجم الجسد مع بيئات معينة خاصة فى شأن المرأة.
وأضاف: لا شك أن هذا الموضوع يحتاج إلى تضافر جهود المعنين بالوعى العام، ابتداءا من التعليم والإعلام وأهل الخطاب الدينى لضبط السلوكيات الخاطئة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة فى هذا السياق، كما يحتاج إلى تفعيل الإجراءات التى تمد يد المساعدة للشباب، لسد احتياجاتهم النفسية والاجتماعية والجسدية، بنشر الأنشطة الإنسانية المتنوعة التى تملأ الفراغ وتسد الاحتياج.
الإفتاء ردا على زواج طفلين بالدقهلية: نوع من إلقاء النفس إلى التهلكة
الأحد، 24 يوليو 2016 11:22 ص
شوقى علام مفتى الجمهورية
كتب لؤى على
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة