يجلس فى مكتبه ليراجع تفاصيل حفل تخريج دفعة جديدة من (الكلية الحربية) من خلال إعادة عرض الحفل فى (التلفاز)، لكنه يبحر فى عالم آخر بعيداً عما حوله فقد جال بخاطره ذكرى أمه (عليها من الله الرحمة والغفران) فيحاول أن يسيطر على مشاعره التى بدت تستدعى قطرات الدمع من مخزون فياض ولكنه يتمنى ألا يدخل عليه المكتب أحد من جنوده أو ضباطه حتى لا يشاهد أحد منهم تلك العبرات فهو قائد كبير والعمل العسكرى يتطلب السيطرة على المشاعر وكما نعلم جميعا ما لهذا العمل من هيبة ووقار
لكنه يجد نفسه ممسكاً بقلمه ثم يجلب ورقة من على مكتبه ليبدأ فى تفريغ رسالة من القلب ليس بها تنميق للكلمات فهو ليس أديب مخضرم ولا صحفى متمرس بل هو إنسان تخرج كلماته من القلب بدون ( رتوش ) ولا تصنع تجد طريقها لقلوب الناس فى سهولة ويسر فكما قيل ( ما خرج من القلب يستقر فى القلب ) ليبدأ فى كتابة رسالة إلى أمه يقول فيها
( رسالة إلى أمى الغالية أسال الله أن يرحمها ويسكنها فسيح جناته)
( فى مثل هذا اليوم من كل عام كنتى يا أغلى وأعز الناس تنتظرى حفل تخرج ( الكلية الحربية) أمام شاشات ( التليفزيون ) منذ الصباح الباكر حيث ( كنتى ) تعتبرى يوم التخرج للكلية عيداً للأسرة، وكان تفاعلك واهتمامك بمتابعة أدق تفاصيل التخرج ملفت للنظر وكأن تقييمك لأداء الطلبة فى الحفل وشعورك بأنهم جميعاً أبنائك يظهر فى دموعك التى تتساقط على وجنتيك أثناء تنفيذهم للعروض العسكرية وخوفك عليهم من أن يمسهم سوء أثناء العرض ممزوجة بالفرح والسعادة للخريجين داعية لهم بالتوفيق والسداد فى مهامهم الجسام نحو حماية هذا الوطن الحبيب الغالى
لكى وحدك أبعث إليك فى مرقدك الطاهر بكل الحب والامتنان والشكر الممزوج بالحزن على فراقك يا أعز ما فى حياتى، وبالنيابة عنكى ابعث تهنئتك لأحفادك خريجى الكليات العسكرية والشرطة ( سدد الله خطاكم لحماية ارض مصرنا الحبيبة تحت شعار (الواجب الشرف الوطن) ابنك المحب والمخلص لك ما حييت... )
عزيزى القارئ المحترم قد تكون كلمات الرسالة بسيطة فهى لم تنمق أو تعاد كتابتها أكثر من مرة لتخضع لعملية الفلترة بل هى كلمات تخرج من قلب محب كانت والدته تمثل له شيء عظيم فى حياته، ولكن ما لفت انتباهى هو ذاك الفيض الجميل من المشاعر النبيلة التى لم أكن أتوقع أن تصدر من شخص عسكرى فدائما ما ترتبط عندى العسكرية ( بالصرامة والقوة ) لكن أن تجد مثل تلك الأحاسيس الفياضة فهذا هو الشيء الجميل حقاً فى الأمر، ثم أننى أعتذر لصديقى أن أفشى سره ولكنى لم أتمالك زمام عقليتى الأدبية بأن أبوح بما رأيت وحجتى أننى لم أذكر اسمك.
حفل تخريج من الكلية الحربية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة