أكرم القصاص

ثورة وثلاثة رؤساء.. محاكمة الماضى بالحاضر

الأربعاء، 27 يوليو 2016 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مناسبة الحديث عن تاريخ ثورة يوليو، ومكانها فى التاريخ، يبقى الجدل القائم هذا العام والأعوام السابقة، كاشفا عن حالة من انقطاع الحوار، والإصرار على الاستقطاب والنفى أو التأكيد، التأييد المطلق والرفض المطلق، بينما السياسة والتاريخ هى مراحل يمكن فهمها فى سياقاتها، الزمان والمكان والظروف المحلية والدولية، ولا يمكن تكرار التجارب أو البحث عن دروسها لأنها لا تترك دروسا، وهناك مقولة للفيلسوف الألمانى هيجيل يرى أنه لا يوجد شىء اسمه دروس التاريخ، لأنه لو كان هناك من يتعلم من التاريخ ما تكرر الطغيان والحروب، وفى حالة ثورة 23 يوليو، يمكن الحكم عليها ضمن سياقاتها وأشخاصها ومراحلها.

البعض يفصل المرحلة الناصرية عن مرحلتى السادات ومبارك، والبعض الآخر يحاسب على النتائج كلها، باعتبارها نتاج الفترة، وأنه نظام واحد بوجوه متعددة، وهو حكم يتجاهل القدرات والصفات الشخصية لكل رئيس، جمال عبدالناصر وأنور السادات وحسنى مبارك، والظروف التى أحاطت به وخياراته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ومدى استفادة كل رئيس من الظروف والفرص، وحجم ما أهدره أو استغله، باعتبار أن مرحلة عبدالناصر كانت أكثر ميلا لتوسيع عائدات التنمية، وهى ميزة فى نظر مؤيدى التجربة وقطاعات واسعة من الطبقات التى استفادت من المرحلة الناصرية، نفس الميزة يصنفها خصوم المرحلة باعتبارها «توزيعا للفقر»، بينما كان توجه السادات نحو الانفتاح بعد أن حقق انتصار أكتوبر، وغير النظام الاقتصادى، لكنه لم يحقق الرخاء، بل تراكمت المشكلات والصدامات، فيما يبدو مبارك صاحب الفرص الأكبر، حيث لم يخض حربا، وتسلم مصر باتفاقية السلام التى دفع السادات ثمنها وجنى مبارك ثمارها.

هناك من يعتبر كل المراحل تنوعات لنظام واحد، فيما يفصل البعض عبدالناصر عن السادات ومبارك، بناء على الخيارات الاجتماعية والاقتصادية، وفى ظل الاستقطاب، نجد من يتجاهل إنجازات عبد الناصر ويختصره فى هزيمة، ويضع السادات بطلا للنصر، ويتجاهل كل صدماته، ومن يرى مبارك بلا عيوب، وهى آراء أغلبها ينطلق من عاطفة «التراسية»، لكنها لا تقدم رؤية أو تاريخا، لكونها تقوم على الاستقطاب والانحياز، فضلا عن استسهال توزيع الاتهامات.

المفارقة أننا فى سياق الحديث عن ثورة جرت 1952، ولا تزال متفاعلة تستقطب المؤيدين والرافضين، ومع هذا نحن أمام من يصدر أحكاما على 25 يناير و30 يونيو، وبنفس الحسم والاستقطاب والانحياز المسبق، من دون مراعاة للظروف أو الخيارات، وربما يكون طبيعا أن تأتى الانتقادات لثورة يوليو من رأسماليين أو أقطاع أضرت إجراءات الثورة مصالحهم، لكن المفارقة أن تأتى هذه الانتقادات من فئات استفادت مباشرة من تحولات اجتماعية وتعليم وخلافه، لكنهم يحاكمون الماضى، بقواعد وظروف اليوم، وهى قضية أخرى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة