أكرم القصاص

جنة الملكية.. ومحاكمة ثورة يوليو

الخميس، 28 يوليو 2016 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من زاوية المصلحة يمكن تفهم موقف شخص ما من ثورة 23 يوليو، وربما يكون منطقيا أن تكون هناك طبقة يتخذ أفرادها موقفا رافضا من يوليو، كبار الملاك أو الرأسماليين، وكل من سحبت ثورة 23 يوليو منه مكاسب أو وضع مميز، والموقف هنا يتعلق بالمصلحة المباشرة، فى المقابل فإن الطبقة الوسطى وبعض الطبقات الدنيا التى ارتقت تتخذ موقفا مؤيدا منها.

الطبقة الوسطى الصغيرة والمتوسطة والفلاحين والعمال تغيرت حياتهم واتسعت الطبقة الوسطى، وأصبح لدى أبناء الفقراء فرصة الصعود الاجتماعى بالتعليم والتقدم، ومن تفوق منهم حصل على مكانة اجتماعية نقلته اجتماعيا إلى القضاء والجامعة والجيش والبوليس، مع الأخذ فى الاعتبار أن حزب الوفد ساهم فى دعم مجانية التعليم الإلزامى، الإصلاح الزراعى وتوسيع التعليم العام المجانى والعلاج وخلافه كلها عناصر تضاعف من تاييد فئات واسعة من المصريين لثورة 23 يوليو.

قد يرى البعض من المفارقات، أن هناك فئات يفترض أنها أضيرت من الثورة تقف فى صف التجربة، بينما ترتفع الانتقادات من فئات استفادت مباشرة من التجربة، يروج بعضهم لصورة مصر الملكية، دولة متقدمة وجميلة، يقيسون على وسط القاهرة والقصور، ويتجاهلون أغلبية كانت مكبلة بالفقر والمرض ومعزولة عن «جنة الملكية»، وتكشف روايات طه حسين وكتابات توفيق الحكيم، ومطالب الوفد حزب الأغلبية عن فوارق طبقية واجتماعية. وحتى الإصلاح الزراعى كان مطلبا لتيارات سياسية واجتماعية.

لكن الفرق هو محاكمة الخمسينيات والستينيات على ما تحقق بعد ذلك، ولهذا يندهش البعض من فئات استفادت من الثورة وصعدت اجتماعيا ثم أصبحت تهاجم الثورة وسياساتها الاجتماعية، أو تمارس التمييز والتفرقة والسياسات التى قامت الثورة ضدها، على سبيل المثال فإن الفئات التى حصلت على تكافؤ الفرص فى الستينيات وصعدت إلى الجامعة والمناصب الكبرى فى الدبلوماسية القانونية، هى نفسها التى ورثت أبناؤها وكسرت مبدأ تكافؤ الفرص الذى أدى لصعودها، ثم إن التوسع فى التعليم لم يؤدِ إلى تقدم موازِ يتناسب مع هذا، بل إن توسع التعليم والجامعات لم ينعكس على المجتمع.

هنا فى هذه المنطقة، يرى البعض أن ما جرى من تدهور هو بسبب سياسات معاكسة لما جرى فى عهد عبدالناصر، وأن هذا التدهور تم بسبب تراجع سياسات اجتماعية لصالح سياسات اقتصادية بلا أفق، ولا يمكن محاكمة مبدأ تكافؤ الفرص لوجود من اعتدوا عليه وأهدروه. والدليل أن صورة مصر المنظمة النظيفة استمرت حتى مطلع الثمانينيات من القرن العشرين، مع ملاحظة أن هناك من يفصل عبدالناصر عن الثورة ومرحلته عن باقى المراحل، بينما هناك من يرى العيوب كانت قائمة. وهى قضية أخرى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة